كشفت تقرير لقناة مكان الإسرائيلية أن أكثر من 100 طائرة مسيرة من طراز “كواد كابتر”  تسللت إلى داخل إسرائيل عبر مصر خلال الشهر الماضي، بعضها كان محمّلا بالأسلحة.

وزعم التقرير أن بعض تلك المسيّرات كان تحمل “وسائل قتالية”، مشيرا إلى أنها “متطورة وقادرة على حمل أوزان تصل إلى 80 كيلو غراما”.

ويظهر ذلك في مؤشر على تصاعد ظاهرة التهريب عبر الطائرات المسيّرة التي باتت تُشكّل تحديا أمنيا جديدًا للجيش الإسرائيلي وقوات حرس الحدود

ويمثل هذا التطور مؤشرا على تصاعد ظاهرة التهريب عبر الطائرات المسيرة، التي باتت تشكل تحديا أمنيا جديدا للجيش الإسرائيلي وقوات حرس الحدود. كما أن هذه الاختراقات المتزايدة لا تثير قلق الأجهزة الأمنية فحسب، بل تكشف عن ثغرات في المنظومة الدفاعية على الحدود الجنوبية لإسرائيل.

 وتعد هذه التطورات تحديا غير مسبوق أمام المنظومة الدفاعية الإسرائيلية التي طالما تباهت بقدرتها على التصدي لـ”الهجمات الصاروخية” والاختراقات الجوية، حيث إن اختراق هذا العدد الكبير من الطائرات المسيرة يكشف عن ثغرات أمنية عميقة، لكنه يثير في نفس الوقت تساؤلات عن نشر هذه المعلومات في الإعلام العبري الذي عادة ما يخضع لتعليمات السلطات الإسرائيلية.

وفي محاولة لتفسير هذا الفشل، حاول الإعلام العبري توجيه اللوم إلى القاهرة، ملمحا إلى أن الطائرات تمر عبر الأراضي المصرية في طريقها إلى إسرائيل، وهو خطاب يعكس توترا صامتا في الإعلام الإسرائيلي تجاه مصر، في وقت تسعى الدولة العبرية إلى تهجير سكان غزة إلى سيناء، وهو ما ترفضه القاهرة بشدة وتعتبره خطا أحمر.

وتتجاوز هذه التساؤلات مجرد الثغرات الأمنية، لتصل إلى عمق العلاقة المعقدة بين إسرائيل ووسائل إعلامها، ففي ظل التعتيم الإعلامي المعتاد على الفشل الأمني، يرى محللون أن نشر هذه المعلومات قد يكون محاولة لإعداد الرأي العام الإسرائيلي لعملية عسكرية محتملة في سيناء، تبررها إسرائيل بحجة “التهديدات الأمنية المتزايدة” من الأراضي المصرية.

إسرائيل، التي اخترقت العديد من الدول في المنطقة بقدراتها الاستخباراتية والجوية المتفوقة، تجد نفسها اليوم عاجزة أمام طائرات مسيرة بدائية ورخيصة نسبيًا، تأتي من فوق سيناء ما يضع سمعتها وقدراتها الدفاعية على المحك

وهذا السيناريو، وإن كان مستبعدًا من قبل بعض الخبراء، يظل واردا في سياق سياسات إسرائيل التي تهدف إلى الضغط على مصر لقبول خطط التهجير.

وأفاد تقرير لـموقع “bhol” الإخباري الإسرائيلي بأن هذه الطائرات المسيرة، التي دخلت من الجانب المصري، لم تُستخدم فقط لأغراض المراقبة أو التهريب، بل إن بعضها كان يحمل أسلحة، ما يُنذر بتحولها إلى وسيلة محتملة لتنفيذ عمليات هجومية مستقبلا”.

وفي المقابل، أقرّ الجيش الإسرائيلي بصعوبة اعتراض معظم هذه الطائرات، لكنه أكد أنه يعمل على تعزيز قدراته الاستخباراتية وتطوير وسائل جديدة للتعامل مع هذا التهديد المتنامي.

ومن جهتها، أشارت هيئة البث الإسرائيلية “كان 11” إلى أن قوات الجيش وحرس الحدود تفشل في إحباط غالبية عمليات التهريب عبر الطائرات المسيرة، مضيفة أن الجيش الإسرائيلي يخفي العدد الحقيقي للطائرات التي نجحت في اختراق الأجواء دون أن يتم رصدها أو إسقاطها.

تسلل هذا العدد الكبير من المسيرات دون التصدي لها يثير تساؤلات حول دوافع إسرائيل لنشر هذه المعلومات في الإعلام العبري

ونقلت هيئة البث عن ضابط في قطاع حرس الحدود على الحدود المصرية قوله “هناك الكثير من العمل هنا.. عمليات رصد، دوريات، استخبارات، وقوات عمليات خاصة.. وكل شيء يضيع سدىً”.

وأضاف “حتى لو تم رصد مركبة قادمة من الجانب المصري، فبحلول الوقت الذي تصل فيه قواتنا إلى الموقع، يكون المهربون قد وصلوا إلى منازلهم. إنه أمر محبط للغاية. وبين الحين والآخر فقط، نتمكن من تحييد طائرة مسيرة”.

وتعود خلفية هذه المشكلة إلى طول الحدود المشتركة بين إسرائيل ومصر، التي تمتد على مساحة شاسعة، مما يجعل من الصعب السيطرة عليها بشكل كامل. وقد شهدت هذه الحدود في السابق محاولات تهريب تقليدية للمخدرات والأسلحة، لكن استخدام الطائرات المسيرة يمثل تطورا جديدا في أساليب التهريب، يجعلها أكثر صعوبة في الرصد والاعتراض.

ولم يصدر رد رسمي فوري من الجانب المصري على هذه التقارير الإسرائيلية، لكن مصادر أمنية مصرية أكدت سابقا أن الحدود مع إسرائيل تخضع لرقابة مشددة. وتنفذ القوات المسلحة المصرية عمليات تأمين مكثفة في سيناء وتدمر أي محاولة لاستغلال أراضيها للتهريب. كما تؤكد القاهرة بشكل مستمر أنها لا تسمح بمرور أي أسلحة أو مخدرات عبر أراضيها باتجاه إسرائيل أو غيرها.

وردا على هذه التقارير، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي “نحن على دراية تامة بتطور ظاهرة التهريب باستخدام الطائرات المسيرة، ونعمل عن كثب باستخدام مجموعة متنوعة من الأساليب والوسائل، بما في ذلك عمليات الرصد وجمع المعلومات والاستخبارات.

ويجري التعامل مع هذه المسألة على مستوى القيادة بهدف تحسين الاستجابة العملياتية في المنطقة وتعزيز فاعلية المنظومة الأمنية على طول الحدود الجنوبية”.