تصاعدت الأصوات الدولية المطالِبة بوقف العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، قبل أيام من انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث أصدرت 22 منظمة إغاثية دولية بيانًا مشتركًا حذّرت فيه من أن القطاع يواجه لحظة "مفصلية" قد تدخل التاريخ كأكثر مراحل غزة فتكًا، إذا لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل وحاسم.
البيان جاء في وقت بالغ الحساسية، بعد أن نشرت لجنة تحقيق مستقلة تابعة للأمم المتحدة تقريرًا غير مسبوق من 72 صفحة، خلص إلى أن إسرائيل ارتكبت أربعة أفعال ترقى إلى الإبادة الجماعية منذ السابع من أكتوبر 2023، من بينها القتل العمد والتسبب في أضرار جسدية ونفسية جسيمة للفلسطينيين. وهو التقرير الأول من نوعه الذي يصف بوضوح ما يتعرض له سكان القطاع بأنه "إبادة جماعية" تستوجب المساءلة.
وقالت المنظمات إن الخطابات الدبلوماسية والحلول الجزئية لم تعد كافية، مشيرة إلى أن زعماء العالم يقفون متفرجين بينما "يتجاهلون الحقائق وتُهمل الشهادات ويُقتل المزيد من الناس".
وأضافت أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة باتت تتعامل مع التزاماتها القانونية وكأنها اختيارية، وهو ما اعتبرته "تواطؤًا صريحًا" يهدد بإرساء سابقة خطيرة لمستقبل القانون الدولي.
وأشار البيان إلى شهادات ميدانية صادمة، منها لقاء عائلات اضطرت لتناول علف الحيوانات أو غلي أوراق الشجر لإطعام أطفالها، في ظل استمرار الحصار الشديد على دخول المساعدات، ما أدى إلى وفاة مئات المدنيين بينهم أطفال بسبب المجاعة.
وأكدت المنظمات، وبينها "أطباء بلا حدود"، و"أوكسفام"، و"كير الدولية"، و"إنقاذ الطفولة"، و"الإغاثة الإسلامية"، والمجلس النرويجي للاجئين، أنها شهدت بأمّ أعينها "الموت المروع ومعاناة لا تُطاق"، مشددة على أن عسكرة نظام المساعدات أثبتت أنه أمر مميت، حيث استُهدف آلاف الفلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء.
وفي موازاة ذلك، تتواصل الإدانات الدولية مع إعلان إسرائيل توسيع هجومها البري على مدينة غزة ضمن ما تسميه عملية "عربات جدعون 2". وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن ثلاث فرق قتالية تتحرك للسيطرة على قلب المدينة، تحت غطاء مكثف من القصف الجوي والمدفعي، في خطوة وصفتها وكالة "رويترز" بأنها نقطة تحول قد تكون الأخطر منذ بدء الحرب.
الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند شدّد على أن نتائج لجنة الأمم المتحدة لا يمكن اعتبارها مجرد استنتاجات أكاديمية، بل هي انعكاس مباشر لما يعيشه المدنيون في غزة يوميًا، مضيفًا أن القانون الدولي يلزم جميع الدول بالتحرك لمنع الإبادة وحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فقد وصف الوضع بأنه "مروع" وأعلن عزمه إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، مؤكدًا أن ما يجري في غزة والضفة الغربية "غير مقبول أخلاقيًا وسياسيًا وقانونيًا".
إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية تشير إلى أن الحرب المستمرة منذ نحو عامين أسفرت حتى الآن عن أكثر من 65 ألف شهيد و164 ألف جريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى مئات الوفيات جراء الجوع والحرمان من الدواء.