كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية تفاصيل جديدة عن الهجوم الإسرائيلي الأخير الذي استهدف قادة حركة حماس السياسيين في قطر، مؤكدة أن العملية اعتمدت على خطة سرية مكنّت تل أبيب من توجيه ضربة بعيدة المدى دون منح الولايات المتحدة وقتًا كافيًا للاعتراض.

وبحسب ما نقلته الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، فإن العملية التي نُفذت يوم الثلاثاء الماضي مثلت اختبارًا غير مسبوق لقدرات إسرائيل العسكرية وقدرتها على تجاوز أنظمة المراقبة الأميركية، في وقت لم تنجح فيه الضربة في تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في قتل أبرز قادة حماس السياسيين.
 

خطة عسكرية جريئة: التحرك من البحر الأحمر
تشير المعلومات إلى أن القيادة العسكرية الإسرائيلية اختارت خطة جريئة اعتمدت على تمركز ثماني مقاتلات من طراز F-15 وأربع من طراز F-35 في البحر الأحمر، بعيدًا عن الأجواء العربية، لتطلق من هناك صواريخ بعيدة المدى عبر الفضاء باتجاه الدوحة.

ووفق المسؤولين الأمريكيين، فإن الصواريخ مرت عبر الفضاء فوق الأراضي السعودية، وهو ما سمح لإسرائيل بتجنب الاتهام المباشر بانتهاك الأجواء، فيما أظهرت العملية بوضوح مدى قدرة تل أبيب على استخدام تفوقها العسكري عبر مسافات شاسعة بدقة عالية.
 

الولايات المتحدة على الهامش
واحدة من أكثر النقاط حساسية في العملية هي أن واشنطن لم تُخطر بها إلا في اللحظات الأخيرة.

فبحسب الشهادات، لم يتم إبلاغ القيادة المركزية الأمريكية بالهجوم إلا قبل دقائق من الإطلاق، الأمر الذي جعل من المستحيل إيقاف العملية أو منعها.

وقال مسؤول بارز في وزارة الدفاع الأمريكية: “الإخطار جاء متأخرًا جدًا، لم يكن هناك أي وسيلة لعكس القرار أو التدخل”، واصفًا الخطوة الإسرائيلية بأنها غير مسبوقة.

وعلى الرغم من أن أنظمة الاستشعار الفضائية الأمريكية رصدت انطلاق الصواريخ ورصدت مسارها نحو الدوحة، إلا أن البيت الأبيض لم يتمكن من إيصال تحذير للسلطات القطرية إلا بعد سقوط القذائف بدقائق معدودة.
 

الأهداف والنتائج
الضربة الإسرائيلية كانت موجهة لاستهداف قادة بارزين في حركة حماس، من بينهم خليل الحية وزاهر جبارين، الذين كانوا يشاركون في اجتماع لمناقشة مقترح أمريكي لإنهاء الحرب في غزة.

لكن التقارير العربية والدولية أكدت أن هؤلاء القادة لم يكونوا داخل الغرفة المستهدفة مباشرة، رغم أنهم كانوا قريبين منها، فيما أصيب بعضهم بجروح ونقلوا للعلاج.

الهجوم أسفر عن مقتل عدد من مسؤولي حماس من الرتب الدنيا، إضافة إلى أحد عناصر قوات الأمن الداخلي القطرية، بينما ظل المبنى المستهدف قائمًا رغم الدمار الكبير في أحد طوابقه.

ويشير هذا إلى استخدام صواريخ دقيقة برؤوس حربية صغيرة، وهو ما يعكس التطور التكنولوجي في قدرات الضربة الجوية الإسرائيلية.
 

الموقف السعودي والقطري
ورغم أن الصواريخ عبرت الفضاء فوق السعودية، فإن الرياض لم تُشر علنًا إلى هذه النقطة، واكتفت بإدانة الهجوم باعتباره عدوانًا سافرًا على سيادة دولة عربية.

أما قطر، فقد اعتبرت القصف انتهاكًا خطيرًا للعلاقات الدولية ولأمنها القومي، مشيرة إلى أن التحذير الأمريكي وصل بعد نحو عشر دقائق من وقوع الضربة، وهو ما جعلها عاجزة عن اتخاذ أي إجراء وقائي.
 

ردود الفعل الأمريكية
إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وجدت نفسها في موقف محرج عقب الحادث، حيث نشر ترامب على منصة تروث سوشال تعليقًا وصف فيه القصف الإسرائيلي بأنه “لا يخدم مصالح إسرائيل أو الولايات المتحدة”، مشددًا على أن قطر دولة حليفة وشريك مهم في جهود الوساطة لتحقيق السلام.

هذا الموقف يعكس استياءً أمريكيًا من الخطوة الإسرائيلية، التي أظهرت استعداد تل أبيب للعمل بشكل أحادي حتى ولو كان ذلك على حساب الإحراج السياسي لشريكها الاستراتيجي في واشنطن.

الهجوم الإسرائيلي على الدوحة يكشف عن مرحلة جديدة من التصعيد الإقليمي، حيث لم تتردد تل أبيب في استخدام قوتها الجوية بعيدة المدى لضرب أهداف داخل دولة تُعتبر حليفًا مقربًا من واشنطن.
وبينما لم يحقق الهجوم هدفه الرئيسي المتمثل في قتل أبرز قادة حماس، فقد نجح في إظهار القدرات العسكرية الإسرائيلية وتحديها للقواعد التقليدية في المنطقة.

لكن في المقابل، أفرزت العملية توترات جديدة مع السعودية والولايات المتحدة، وأكدت أن الأزمة مرشحة لمزيد من التعقيد، خاصة مع تعالي الأصوات التي ترى أن إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء بضربها أراضي دولة عربية حليفة للغرب.