تصاعدت الدعوات الحقوقية الدولية لوقف محاولات النظام المصري الحصول على مقعد جديد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للفترة من 2026 – 2028، حيث أصدرت مجموعة واسعة من منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية والإقليمية تقريرًا مشتركًا، دعت فيه جميع الدول الأعضاء إلى الامتناع عن التصويت لصالح مصر، معتبرة أن التجديد لعضوية القاهرة سيُكرّس سياسة الإفلات من العقاب، ويُشجّع السلطات على مواصلة انتهاكاتها الممنهجة.
سجل متدهور وإفلات من المساءلة
التقرير الصادر الخميس، سلّط الضوء على أن مصر استغلت عضويتها السابقة في المجلس لعرقلة المساءلة الدولية، في وقت يتدهور فيه وضع سيادة القانون والعدالة بشكل خطير.
وأكد أن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان باتت سياسة ممنهجة، تشمل الاعتقالات التعسفية، التعذيب، والاختفاء القسري، بجانب فرض قيود صارمة على الحريات الأساسية.
وأشار التقرير إلى أن هذه الممارسات ليست مزاعم فقط، بل موثّقة في تقارير لجان تابعة للأمم المتحدة، مثل لجنة حقوق الإنسان ولجنة مناهضة التعذيب.
كما لفت إلى أن مصر لا تزال تُصنّف ضمن أكثر عشر دول عالميًا في سجن الصحافيين، حيث يقبع 17 صحافيًا خلف القضبان في 2025، في وقت يتعرض فيه المجتمع المدني والمدافعون عن الحقوق إلى حملات تخويف واحتجاز مطوّل.
رفض التعاون مع الأمم المتحدة
واعتبرت المنظمات أن السلطات المصرية تتجاهل بشكل متعمد آليات الأمم المتحدة، إذ ترفض التعاون مع الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، وتتجاهل طلبات الزيارات القطرية من المقررين، ولا تقدّم ردودًا موضوعية على المراسلات.
كما أنها لم تُصدّق على آليات الشكاوى الفردية، وتُهمل التزاماتها الدورية بتقديم تقاريرها إلى هيئات المعاهدات.
وفي الاستعراض الدوري الشامل الرابع في يوليو الماضي، تلقت مصر 343 توصية من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تغطي مختلف الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، لكنها لم تلتزم إلا بخمس توصيات فقط (1.4% من الإجمالي).
أما الغالبية، فإما رُفضت أو تم تسجيلها شكليًا بلا خطوات عملية، بما في ذلك المطالبات بإطلاق سراح السجناء السياسيين ووقف الاعتقالات التعسفية.
ملفات مسكوت عنها: النساء والأقليات
كشف التقرير أيضًا أن مصر تجاهلت التوصيات الخاصة بإنهاء العنف والتمييز ضد النساء والأقليات الدينية والعرقية.
كما لم تتجاوب مع المطالبات بضمان المساءلة عن التعذيب الواسع والمنهجي، ومن أبرز الأمثلة قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، التي لا تزال وصمة عار على سجل السلطات المصرية في نظر المنظمات الحقوقية الدولية.
وأكدت الجهات الموقعة أن أوضاع حقوق الإنسان في مصر تفاقمت بشكل ملحوظ، رغم الجهود التقنية والمساعدات التدريبية التي قدمتها الأمم المتحدة، مما يعكس غياب الإرادة السياسية الحقيقية في القاهرة للإصلاح.
دعوة لآلية دولية مستقلة
وفي ختام تقريرها، طالبت المنظمات بإنشاء آلية دولية مستقلة للرصد والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان بمصر، تتمتع بسلطة توثيق الانتهاكات ورفعها مباشرة للأمم المتحدة، فضلًا عن دعم جهود المساءلة القضائية الدولية.
وشددت على أن منح مصر مقعدًا جديدًا في مجلس حقوق الإنسان سيُقوّض عالمية حقوق الإنسان، ويبعث برسالة سلبية إلى الأنظمة الاستبدادية الأخرى.
قائمة واسعة من الموقعين
وشملت قائمة الموقعين عددًا من أبرز المنظمات الحقوقية عالميًا وإقليميًا، من بينها:
- لجنة العدالة
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- هيومنا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية
- منّا لحقوق الإنسان
- إيجيبت وايد
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT)
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- مركز روبرت ف. كينيدي للعدالة وحقوق الإنسان
- مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان
- الشبكة الأورومتوسطية للحقوق
- سيفيكوس – تحالف فوكا
- لجنة حماية الصحافيين (CPJ)
- سكاي لاين الدولية لحقوق الإنسان
- ريدريس
- إلى جانب منظمات إفريقية وآسيوية وأمريكية لاتينية.
وأكدت هذه المنظمات أن المجتمع الدولي بات أمام اختبار مصداقية: فإما رفض انتخاب مصر ومعاقبة سجلها الكارثي، أو منحها شرعية جديدة تُمكّنها من الاستمرار في سحق الحريات بلا رادع.