رفعت مؤسسة هند رجب لتحقيق العدالة دعوى قضائية أمام المحاكم الإسبانية ضد أحد جنود كتيبة المظليين 101 في جيش الاحتلال الإسرائيلي، متهمة إياه بالتورط المباشر في أفعال ترقى إلى جرائم حرب وإبادة جماعية خلال العدوان المتواصل على قطاع غزة.
وتُعد هذه الدعوى الثانية ضد الجندي ذاته، إذ سبق للمؤسسة أن طالبت السلطات القبرصية بالتحقيق معه وتوقيفه استناداً إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية، الذي يتيح ملاحقة مرتكبي الجرائم الجسيمة دولياً حتى لو ارتكبت خارج حدود الدولة المعنية.
الدعوى، التي تقدّم بها المحامي الإسباني ديفيد أرندا تشيكا أمام المحكمة المركزية للتحقيقات، استعرضت قائمة من الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبها الجندي، بينها:
- الهجوم على مدينة خانيونس (فبراير–مارس 2024): حيث أظهرت مقاطع فيديو الجندي وهو يشرف على جرافة عسكرية من نوع D9 تدمّر الطرقات والمنازل، ويطلق صواريخ على مبانٍ سكنية، ويفجّر أبراجاً باستخدام المتفجرات.
- التهجير القسري من مستشفى ناصر: خلال حصار المستشفى الذي كان يأوي أكثر من 10 آلاف نازح و450 مريضاً، ظهر الجندي وهو يشارك في عملية الإخلاء القسري تحت نيران القصف والقنّاصة، ما يُعد جريمة حرب وفق القانون الدولي.
- الهجوم على دير البلح (إبريل 2024): ظهر في مقاطع فيديو يشرف على هدم منزل مدني فارغ بجرافات عسكرية، في خرق واضح لحظر تدمير الممتلكات دون ضرورة عسكرية.
- تدمير مخيم جباليا للاجئين (مايو–يوليو 2024): وثّق نفسه وهو يطلق النار ويرافق عمليات قصف للمنازل، بل نشر منشوراً بعنوان "احتلال مخيم جباليا". وتشير التقديرات الفلسطينية إلى أن 70% من المخيم دُمّر.
كما لفتت الدعوى إلى أن الجندي عمد إلى السخرية من المآسي الإنسانية عبر نشر فيديوهات هزلية في أماكن مدمّرة، وتشبيه عملياته العسكرية بلعبة "Call of Duty"، بل وصمّم غلافاً على طريقة "نتفليكس" كتب عليه أسماء المدن التي ساهم في تدميرها، من غزة إلى جباليا.
أدلة وشهادات
المؤسسة قدّمت للمحكمة مقاطع فيديو وصوراً نشرها الجندي بنفسه على وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يعزز مصداقية الاتهامات الموجهة إليه.
وبما أنه يقيم حالياً في مدينة برشلونة، طالبت المؤسسة بإصدار أمر اعتقال فوري بحقه لمنع فراره وضمان مثوله أمام العدالة.
تصريحات المؤسسة
رئيس المؤسسة، دياب أبو جهجة، شدّد على أن "إسبانيا اتخذت خطوات مهمة في دعم فلسطين، عبر المقاطعة والضغط السياسي، لكن هذه الجهود يجب أن تُستكمل بإجراءات قانونية تضمن محاسبة الجناة".
وأضاف: "يجب ألا يكون برشلونة أو أي مدينة إسبانية ملاذاً آمناً لمجرمي الحرب. هذه الشكوى اختبار حقيقي لالتزام النظام القضائي الإسباني بالقانون الدولي".
حملة أوسع لملاحقة القادة الإسرائيليين
الشكوى ضد الجندي تأتي في إطار حملة شاملة تقودها مؤسسة هند رجب، التي تأسست في سبتمبر 2024 ببروكسل، وسمّيت على اسم الطفلة الفلسطينية "هند رجب" التي استشهدت برصاص الجيش الإسرائيلي بينما كانت تستغيث عبر الهاتف بالهلال الأحمر ووالدتها.
المؤسسة، وهي منظمة غير ربحية، تعمل على جمع المعلومات العلنية حول أنشطة جنود وضباط الاحتلال في غزة ولبنان، وتقديمها إلى المحاكم الأوروبية والدولية.
وحتى الآن رفعت المؤسسة دعاوى ضد عشرات الجنود، وقدّمت أدلة إلى المحكمة الجنائية الدولية (ICC) بشأن أكثر من ألف عسكري إسرائيلي متورطين في جرائم حرب.
وفي الشهر الماضي، رفعت المؤسسة طلباً رسمياً إلى المحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر اعتقال ضد مسؤولين بارزين، بينهم:
- رئيس الأركان إيال زامير.
- قائد سلاح الجو تومر بار.
- قائد المنطقة الجنوبية يانيف عسور.
- قادة وحدة الاستخبارات العسكرية 8200 الحاليون والسابقون.
- الناطق باسم الجيش الإسرائيلي بالعربية أفيخاي أدرعي.
وقد ربطت هذه المطالبات بملف استهداف صحافيي قناة الجزيرة في غارة إسرائيلية أدت إلى استشهاد عدد منهم الشهر الماضي.