ما يحدث اليوم مع ملايين المصريين في نظام عدادات الكهرباء مسبقة الدفع لا يقتصر على تحصيل رسوم، بل يُعدّ بمثابة سطو ممنهج على أرصدة المواطنين. عدادات "أبو كارت" وُجدت أساسًا لضبط الاستهلاك، لكن الواقع الحالي قلب المعادلة: المواطن يشحن رصيده، ثم يُفاجأ بخصومات ضخمة تصل أحيانًا إلى 270 جنيهًا عند تجاوز حد معين من الاستهلاك، فضلًا عن رسوم إضافية متكررة، الأمر الذي يحوّل النظام من أداة ضبط إلى آلة جباية مستمرة.

 

سرقة بختم النسر

وفي تغريدة لحزب تكنو قراط مصر تحدث عن " ما يحدث اليوم مع ملايين المصريين ليس مجرد "تحصيل رسوم" كما تدّعي وزارة الكهرباء، بل هو سطو مقنن على أرصدة المواطنين".

وأضاف عدادات "أبو كارت" وُجدت في الأساس لضبط الاستهلاك، بحيث لا تنفق أكثر مما دفعت، لكن ما جرى قلب المعادلة: المواطن يشحن رصيده بماله، ثم يُفاجأ بأن العداد يخصم مبالغ ضخمة – قد تصل إلى 270 جنيهًا – لمجرد أنه تجاوز حدًا من حدود الاستهلاك، وكأنها عقوبة متكررة على نفس الجريمة!

وأردف: أليس من العبث أن تُسحب أموال إضافية في نظام يفترض أنه مسبق الدفع؟! أليس من الجور أن تتحول "الشرائح" من وسيلة ترشيد إلى وسيلة لنهب الجيوب؟!

وأكد أن الأخطر أن الشركة لا تكتفي بخصم رسوم التجاوز، بل تضيف خصمًا شهريًا لخدمة العملاء، وخصمًا آخر عند عدم الاستهلاك تحت مسمى "المقروء بصفر". أي أن المواطن يدفع حين يستهلك، ويدفع حين لا يستهلك!

ولفت إلى أن هذه السياسة ليست إدارة عادلة لمورد حيوي، بل إدارة جباية لا ترى المواطن إلا كمصدر تمويل.

واختتم قائلا إن هذه الممارسات لا تختلف كثيرًا عن السرقة بالاكراه سوى أنها تُمارَس بختم الدولة وتحت شعار "القانون".

 

خصومات التجاوز: عقوبة على كل شحنة

يطبق النظام خصمًا تلقائيًا عند تجاوز الحد المسموح من الاستهلاك الشهري. على سبيل المثال، إذا شحن المواطن رصيده بمبلغ 100 جنيه، قد يجد أن 270 جنيهًا قد تم خصمها نتيجة تراكم رسوم التجاوز، وهو ما يعني أن النظام يخصم أكثر من المبلغ المشحون في حالات معينة.

الحساب التقريبي يوضح أن متوسط الخصم الإضافي السنوي لمواطن يستهلك كهرباء بشكل متوسط يمكن أن يصل إلى 3000-4000 جنيه سنويًا، أي ما يعادل نصف متوسط دخل بعض الأسر في مصر.

 

رسوم إضافية غير مبررة: خدمة العملاء والمقروء بصفر

إضافة إلى خصومات التجاوز، يتم فرض خصومات أخرى باسم "خدمة العملاء" و"المقروء بصفر"، أي خصم على الرصيد حتى عندما لا يستهلك المواطن أي كهرباء. هذه الرسوم الشهرية قد تصل إلى 20-30 جنيهًا لكل بند، أي أن المواطن يدفع على الأقل 40-60 جنيهًا شهريًا دون أي سبب حقيقي، ما يعكس تحويل العدادات إلى مصدر مستمر للتمويل على حساب المواطنين.

 

أثر النظام على الأسر محدودة الدخل

بالنظر إلى أن معظم المصريين يعتمدون على دخل محدود، فإن هذه الخصومات المتكررة تخلق عبئًا إضافيًا لا يمكن تحمله. على سبيل المثال، إذا كان دخل الأسرة 3000 جنيه شهريًا، فإن خصومات الكهرباء المتكررة قد تصل إلى 400-500 جنيه شهريًا، أي ما يعادل 15-20% من الدخل، وهو ما يضغط على ميزانية الأسرة ويحد من قدرتها على تلبية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والتعليم والصحة.

 

تقييم الخبراء: الجباية المنظمة تحت غطاء القانون

خبراء الاقتصاد والطاقة يشيرون إلى أن النظام الحالي لا يعكس إدارة عادلة لمورد حيوي مثل الكهرباء، بل يعكس سياسة جباية منظمة بختم الدولة. النظام يفتقر للشفافية، ويحوّل المواطن إلى مجرد مصدر تمويل.

ويؤكد بعض الخبراء أن استمرار هذه الممارسات يزيد من شعور المواطنين بالغبن ويؤدي إلى فقدان الثقة في الجهات المسؤولة عن الخدمات العامة.

ما يجري في عدادات الكهرباء مسبقة الدفع أصبح سطوًا ممنهجًا على أرصدة المواطنين، مع خصومات تجاوز ورسوم إضافية تحت مسميات متعددة. التوصية العاجلة هي إعادة تصميم النظام ليكون فعليًا وسيلة للتحكم في الاستهلاك لا أداة جباية، مع فرض رقابة شفافة على الخصومات، لضمان حقوق المواطنين وحماية ميزانياتهم من الاستنزاف غير المبرر.