دخل قانون العمل الجديد في مصر (رقم 14 لسنة 2025) حيّز التنفيذ مطلع سبتمبر الجاري، وسط جدل واسع بين مؤيديه ومعارضيه.

وبينما يزعم وزير العمل في حكومة السيسي، محمد جبران، أن القانون يهدف إلى تحقيق العدالة والتوازن بين العمال وأصحاب العمل ودعم بيئة الاستثمار، ترى منظمات حقوق العمال أنه يفرض قيودًا جديدة قد تُضعف الضمانات الاجتماعية للعمال، مقارنة بالقانون السابق (رقم 12 لسنة 2003) الذي تم إلغاؤه.

ويضيف جبران أن القانون ينص على أنه “لن يتم أي فصل تعسفي لعامل إلا عبر القضاء، مع منح العمال تعويضات عادلة بما يضمن بيئة عمل مستقرة وجاذبة للاستثمار”.

لكن خبراء الإدارة المحلية ومتخصصين تحدثوا للجزيرة مباشر، رأوا أن هناك تحديات وأوجه قصور في القانون المستحدث، تتعلق بآلية التنفيذ وربط القانون كشكل إداري قانوني بالنواحي المالية.

 

الحاجة إلى القانون

قال مجدي البدوي، نائب رئيس اتحاد نقابات عمال مصر، إن قانون العمل الجديد يوازن بين مصالح العمال وأصحاب العمل، مؤكداً أنه "لا يمكن المطالبة بحقوق العمال فقط وتجاهل أصحاب العمل".

وأوضح البدوي، في تصريحات لـ"الجزيرة مباشر"، أن مصر كانت بحاجة إلى قانون عمل حديث بعد انتهاء صلاحية القانون السابق الذي صدر في ظل هيمنة القطاع الحكومي على سوق العمل، بينما يسيطر القطاع الخاص اليوم على النسبة الأكبر من الوظائف.

وأضاف أن القانون الجديد يضع ضوابط أوضح لعلاقة العامل بصاحب العمل في القطاع الخاص، بما يضمن حقوق الطرفين، ويشجع الشباب على الالتحاق بالوظائف الخاصة دون قلق من ضياع حقوقهم.

 

بنود جديدة

يرى خبير الإدارة المحلية والدولية الدكتور حمدي عرفة، أن القانون الجديد تضمن بنودًا جيدة توفر ضمانات لحماية حقوق العمال، لكنها قد لا تكون كافية، خاصة ما يتعلق بالربط المالي بين ما أقره القانون وجهات مثل هيئة التأمينات والهيئة القومية للمعاشات.

ومضى إلى أن القانون ساوى بين الشركات الصغيرة والكبرى، مما قد يمثل عبئًا أكبر على الشركات الصغيرة، ولذا لابد من تقسيم الشركات إلى شرائح، لأن القانون ينظر إلى شركة تضم 10 أفراد كما ينظر إلى شركة كبرى تضم الآلاف.

وأفاد الخبير أن المعنيين بتطبيق القانون هم العاملون بالقطاع الخاص وأصحاب المحال والورش وغيرهم، وهي شريحة تتجاوز 23 مليون عامل وموظف يمثلون أكثر من 50% من القوى العاملة بشكل عام.

وتساءل عرفة عن إلزام الدولة لأصحاب الأعمال بهذه البنود، وعن آلية التنفيذ، لافتًا إلى أن “أكبر مشكلة تواجه التطبيق هي عدم تسجيل الملايين من العمالة المؤقتة في بعض المصانع والورش والمحال لدى هيئة التأمينات”.

 

المرأة العاملة

يتضمن القانون الجديد حزمة من المواد الجديدة أبرزها: منع الفصل التعسفي إلا بحكم قضائي، وعقود العمل غير المحددة المدة، وزيادة إجازة الوضع للمرأة إلى 4 أشهر بدلًا من 3.

وشمل تنظيم أنماط العمل الجديدة مثل: العمل عن بُعد والعمل المرن واقتصاد المنصات، وإنشاء محاكم عمالية متخصصة للفصل السريع في النزاعات، وإلزام أصحاب الأعمال بدفع الأجور كاملة خلال 7 أيام من إنهاء الخدمة.

وحدد القانون الجديد تفاصيل الإجازات السنوية والمرضية والرسمية للعاملين، ومنها شهر كامل للحج أو العمرة مرة واحدة طوال فترة الخدمة بعد مرور 5 سنوات، وإجازة أبوة يوم واحد مدفوعة الأجر عند الولادة بحد أقصى 3 مرات طوال فترة الخدمة.

ونفت وزارة العمل صحة الشائعات التي تحدثت عن خفض العلاوة السنوية إلى 3% بدلًا من 7%.

 

الأمان الوظيفي

وأكد مجدي البدوي، نائب رئيس اتحاد نقابات عمال مصر، أن قانون العمل الجديد يضمن ما وصفه بـ"الأمان الوظيفي"، عبر إلزام صاحب العمل بإبرام عقد عمل من أربع نسخ، تُودع إحداها في مكتب العمل لتكون مرجعية رسمية تحفظ حقوق العامل. وأوضح أن القانون يحظر الفصل التعسفي إلا بقرار قضائي، مع إنشاء محاكم عمالية متخصصة تبتّ في القضايا خلال ثلاثة أشهر فقط، بدلاً من السنوات الطويلة التي كانت تستغرقها النزاعات سابقاً.

وأشار البدوي إلى أن القانون ألزم أصحاب الأعمال بالتأمين على العمال من أول يوم عمل، لكنه شدد على أن نجاح تطبيق القانون مرهون بـ"أمانة أصحاب العمل" وتفعيل أدوات الرقابة والمحاسبة.

في المقابل، اعتبر الخبير في الإدارة المحلية، الدكتور حمدي عرفة، أن الأولوية يجب أن تكون لتسجيل ما يقرب من 11 مليون عامل غير مدرجين في هيئة التأمينات، قبل الحديث عن حقوقهم. وأضاف أن القانون الجديد يحتاج أيضاً إلى ربط صريح وواضح بالحد الأدنى للأجور بشكل ملزم مالياً، وألا يُترك الأمر لقرار أصحاب العمل.