الإعلام المصري في عهد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي لم يعد صوتًا للشعب، بل تحوّل إلى أداة للهيمنة وتزييف الوعي، الأزمة الأخيرة بين أحمد المسلماني وأجهزة الدولة ليست صراعًا من أجل الحرية، بل خلافًا داخل بيت الطاعة نفسه؛ بين أذرع النظام التي شاركت في تغييب الشعب لسنوات عبر أبواقه الإعلامية.

المسلماني، الذي يقدّم نفسه كإصلاحي، كان وما يزال أحد أدوات السلطة في تجميل الانقلاب وتبرير القمع، واليوم يدفع ثمن صراع النفوذ داخل الماكينة الإعلامية الخاضعة للمخابرات.

 

المسلماني من الإصلاح المزعوم إلى أداة السلطة

أحمد المسلماني ليس بريئًا من انهيار المشهد الإعلامي، بل لعب دورًا كبيرًا في ترسيخ هيمنة النظام على الإعلام منذ 2013. حملاته السابقة للترويج للسيسي وإعطاء الشرعية لانقلاب يوليو لم تُمحَ من ذاكرة المصريين. المعارض هيثم أبو خليل علّق قائلاً: "المسلماني جزء من المنظومة وليس مصلحًا كما يدّعي. هو من صمّم خطابًا يبرر القمع ويجمّل الاستبداد، واليوم يتظاهر بدور الضحية".

 

التلاعب الأمني والمواجهة الشكلية

المواجهة المزعومة بين المسلماني والمخابرات ليست إلا صراع مصالح داخل نفس الدائرة الأمنية. الناشط عمرو واكد انتقد هذه المسرحية قائلاً: "منذ الانقلاب والإعلام يُدار من الأجهزة الأمنية. المسلماني لم يعترض على ذلك طوال سنوات لأنه كان مستفيدًا من المنظومة، والآن يصرخ لأنه خسر جزءًا من النفوذ".

 

خبراء ومعارضون يفضحون الدور المزدوج للمسلماني

الخبير الإعلامي ياسر الزعاترة قال: "المسلماني وأمثاله هم أدوات النظام لتزييف الوعي. الحديث عن أنه يحارب الفساد الإعلامي مجرد كذبة، لأنه شريك في هذه المنظومة منذ البداية"، مؤكدًا أن هذه الأزمة تكشف صراعات النفوذ داخل الدولة العميقة، لا أكثر.

أما المفكر عزمي بشارة فأكد: "أي إصلاح حقيقي يبدأ بالاعتراف بأن الإعلام المصري موجه بالكامل. المسلماني لا يعترف بذلك لأنه كان ولا يزال جزءًا من هذا التوجيه الأمني".

 

الإعلام كآلة دعائية بوجوه متعددة

المعارض أيمن نور قال إن الأزمة الحالية توضح أن الإعلام المصري ليس سوى "ماكينة دعائية" للسلطة، مضيفًا: "لا فرق بين المسلماني وغيره من الأبواق. كلهم نفذوا أوامر الأجهزة الأمنية، وكلهم ساهموا في قتل حرية الإعلام. من يظن أن المسلماني يختلف عن البقية فهو واهم".

وأخيرا فقصة المسلماني ليست قصة بطل يحارب الفساد، بل حلقة جديدة في مسرحية طويلة لتضليل المصريين.

هذا الرجل، الذي روّج للسيسي وغطّى على جرائمه الإعلامية، يحاول اليوم الظهور في ثوب المصلح، بينما الحقيقة أنه مجرد أداة فقدت دورها.

الإعلام في عهد السيسي لن يعرف الحرية، لأنه قائم على الأكاذيب والتلاعب بالعقول، وأزمة المسلماني دليل على أن كل من يشارك في لعبة تغييب الشعب سيلقى نفس المصير عندما تنتهي صلاحيته.