شهدت الساعات الأخيرة حملة شرسة من الإعلاميين المقربين من السلطة المصرية ضد المستشار الإعلامي السابق للرئاسة، أحمد المسلماني، ورئيس الهيئة الوطنية للاعلام، على خلفية الجدل المثار حول ما تردد عن تعيين حسام خلف، القيادي بحزب الوسط، في منصب رفيع داخل مبنى ماسبيرو.
ورغم النفي الرسمي لخبر التعيين، لم تتوقف الاتهامات التي وصلت إلى حد التخوين ووصمه بـ"الأخونة"، في واحدة من أكثر الحملات الهجومية إثارة للجدل في الأوساط الإعلامية خلال الشهور الماضية.
القصة بدأت بشائعة التعيين
بدأت الأزمة عندما تداولت مواقع إخبارية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن صدور قرار بتعيين حسام خلف، زوج الدكتورة عزة الجرف القيادية بجماعة الإخوان وعضو مجلس الشعب ببرلمان الثورة، في موقع حساس داخل اتحاد الإذاعة والتليفزيون. الأنباء أثارت عاصفة من الجدل نظرًا للخلفية السياسية لخلف وعلاقته بالحزب الذي كان محسوبًا على تيار الإسلام السياسي.
ورغم أن وزارة الإعلام، وكذلك ماسبيرو، نفت صدور أي قرار من هذا النوع، معتبرة ما تردد مجرد شائعات، إلا أن الهجوم انطلق بسرعة تجاه المسلماني، الذي يُقدّم نفسه باعتباره صوتًا ليبراليًا ومعارضًا للإسلام السياسي، حيث اعتبره البعض المسؤول عن هذه "التوجهات المشبوهة" بحكم قربه السابق من مؤسسات الدولة والإعلام.
بكري وعمرو أديب في الصدارة.. واللجان الإلكترونية تتحرك
الإعلامي مصطفى بكري كان في مقدمة المهاجمين؛ إذ خصص جزءًا من ظهوره التلفزيوني للهجوم على المسلماني، متهمًا إياه بأنه يسعى إلى إعادة "رجال الإخوان" إلى مؤسسات الدولة تحت غطاء الانفتاح والمصالحة. وقال بكري في لهجة حادة: "لن نسمح بعودة الإخوان من الشباك بعد أن أخرجهم الشعب من الباب".
لم يكن بكري وحده في هذه المعركة؛ الإعلامي عمرو أديب بدوره تطرق إلى القضية في برنامجه، ملمحًا إلى وجود "أجندات خفية" وراء ترويج مثل هذه الأسماء داخل الأجهزة الإعلامية. وقال أديب بوضوح إن "هناك من يريد إعادة تدوير الوجوه القديمة، وهذا أمر لن يمر".
إلى جانب ذلك، تحركت اللجان الإلكترونية الموالية للنظام عبر مواقع التواصل، لتضخ موجة من التغريدات والمنشورات التي تستهدف سمعة المسلماني، وتتهمه بالتواطؤ مع قوى الإسلام السياسي، بل وصل الأمر إلى وسمه بـ"الإخواني المتخفي"، رغم مواقفه السابقة التي كانت على النقيض من هذه الاتهامات.
المسلماني يرد: حملة مسيّسة ومحاولة لتشويه صورتي
في المقابل، خرج أحمد المسلماني عن صمته، وكتب عبر صفحته الرسمية أن ما يتم تداوله حول تعيين حسام خلف "أكاذيب لا أساس لها من الصحة"، مؤكدًا أن لا علاقة له بهذه القرارات من قريب أو بعيد. وأشار إلى أن الحملة التي تستهدفه الآن "ممنهجة وتخدم أهدافًا سياسية واضحة، هدفها إقصاء أي صوت مستقل أو معتدل من الساحة الإعلامية".
المسلماني أوضح أيضًا أن اتهامه بالترويج للإخوان "مهزلة" لا يمكن أن يصدقها أحد، خاصة أنه كان من أبرز الأصوات التي عارضت الجماعة وحذرت من مشروعها السياسي، وشارك في كشف مخاطرها على الدولة المصرية.
أبعاد الأزمة: صراع أجنحة أم معركة للإقصاء ؟
خبراء إعلاميون رأوا أن الحملة الأخيرة ضد المسلماني تكشف عن صراع نفوذ داخل المنظومة الإعلامية المصرية، خاصة في ظل التحضير لإعادة هيكلة ماسبيرو وتعيين قيادات جديدة ضمن خطط إصلاح القطاع. الدكتور ياسر عبد العزيز، الخبير الإعلامي، صرّح بأن "المسألة لا تتعلق بالإخوان من قريب أو بعيد، بل بمحاولة فرض سيطرة كاملة على المشهد الإعلامي وإقصاء كل من لا يسير في الخط الرسمي".
أما الكاتب جمال سلطان، فقد اعتبر في تدوينة له أن ما يحدث "تصفية حسابات إعلامية تحت ستار الوطنية"، لافتًا إلى أن اتهام شخص مثل المسلماني بالأخونة "يكشف إفلاس أدوات التشويه لدى الإعلام الموالي للنظام".
وقال المحلل السياسي أسامة رشدي " هناك معركة شرسة مستعرة الآن تقودها بعض الأبواق الإعلامية ضد #احمد_المسلماني والذي عينه #السيسي قبل عشرة أشهر رئيسا للهيئة الوطنية للإعلام، وهو من سبق تعينه مستشار إعلامي للطرطور #عدلي_منصور بعد الانقلاب، وذلك بهدف إزاحته وإعلان العصيان ضد ما يعتقدون أنه تغيير قادم. هجوم الحرس القديممن الأبواق الصدئة يكشف عن صراع كبير بين مراكز القوى داخل النظام والتي تتطاحن بينها الآن على معمعة الإعلام، ولم يكن يجرؤ هؤلاء الزعران على الانخراط في هذه الحملة لولا أنهم يعبرون عن مصالح قوى تخاف على مقاعدها ومصالحها ولا تريد اي تغيير في المشهد البائس. فمن سينتصر في النهاية من المعسكرين؟!".
https://x.com/OsamaRushdi/status/1961094344586277340
أزمة تكشف هشاشة المشهد الإعلامي
الأزمة، رغم بساطتها الظاهرية، تكشف عن حجم الاحتقان داخل الوسط الإعلامي، والتوظيف السياسي للشائعات لضرب الخصوم أو المستقلين. وبينما يسعى النظام لترسيخ خطاب أحادي يهيمن على الفضاء الإعلامي، فإن مثل هذه الحملات قد تفتح الباب لمزيد من فقدان الثقة بين الجمهور والإعلام الرسمي، خاصة حين تتورط شخصيات بحجم بكري وأديب في نشر اتهامات بلا أدلة.