في إعلان لا يمكن تجاوزه، ثبُت أن نحو 70% من العيادات الخاصة في مصر تعمل خارج نطاق الترخيص، إلى جانب أكثر من 30% من المستشفيات والمراكز الطبية.
هذا الإهمال الحكومي المريع يترجمه واقع قاتم يتراوح بين الوفيات المفاجئة والإهمال الطبي الجسيم. السؤال الذي يطرح نفسه بغضب: أين وزارة الصحة؟ لماذا تقف الدولة صامتة أمام الكارثة التي تُصنع من داخل المنشآت الطبية غير الشرعية؟
الفوضى بالعيادات غير المرخّصة تقود إلى الموت البطيء
في أحدث الحملات، أغلقّت وزارة الصحة 10 عيادات غير مرخّصة ملحقة بفنادق في جنوب سيناء، رغم أنَّ هذا يحدث بعد وقوع الموت في بعضها ومعظمها لم يرتقِ إلى حد رصد حالة وفاة علنية.
وفي بورسعيد، كشف تقرير حديث عن رصد 59 منشأة طبية غير مرخصة خلال 2024، وتشميع 13 منها فقط.
النقطة الأهم أن هذه الممارسات تكررت – لكن الحالة الأوضح من حياة مصرية واحدة تُزهق بسبب إهمال طبي غير قانوني لا تزال خارج نطاق العدالة.
ضحايا بلا شعارات.. صوت المرضى يكشف الحقيقة
أم محمد، من الجيزة، روت بمرارة: "ابني دخل يعمل عملية بسيطة في عيادة في الحي، وطلع لنا جثة... الدكتور كان فاتح العيادة في شقة من غير أي تجهيزات."
هذه الحكايات البشعة كثيرة، لكن الحكومة غائبة. الدكتور "س. ع."، خبير إداري في وزارة الصحة، أكد أن "70% نسب غير مقبولة – لكن الوقائع تكشف أن وزارة الصحة تسمح بذلك بسبب فساد إداري وغياب إرادة حقيقية لتطبيق القانون".
الفساد السياسي ينهش القطاع الصحي
العيادات والمراكز غير المرخّصة لا تنتشر صدفة، بل عبر حماية سياسية لصيقة. أحد المسؤلين ف وزارة الصحة علق على سوء تطبيق القانون قائلاً: "أصحاب العيادات غير المرخصة يدفعون رشاوى، ويغلق الملف، وهكذا يظل الفساد مستشريًا والدولة تتحوّل إلى شريك في الفوضى."
الحكومة تُعِدّ وتحثّ على "التطوير" بينما يظل المرضى في خطر
مبادرات "التطوير" الإعلامية لا تزال بعيدة عن الواقع، سواء في التعليم أو الجوانب الطبية الأكثر أهمية. الدكتور "أ.م."، أحد المتخصصين، سجّل الواقعية بوضوح: "الحكومة تراهن على مشاريع ضخمة ومعالم استعراضية، بينما حياة المواطن تهمل. الرقابة غائبة عن قطاع يُفترض به حماية أرواح الناس."
وأخيرا فالحكومة تستمر في الإنفاق على الملابسات والترويج الإعلامي، دون أن تعي أن الإنقاذ الحقيقي للمواطن لن يكون بصور السيسي على اللافتات، ولا بالحملات الإعلامية. بل بأن تعيد للقطاع الصحي كلمته وسلطته الحقيقيين، عبر إغلاق فورى لكل منشأة غير مرخصة، وتفعيل مراقبة يومية حقيقية، وتطبيق القانون بلا تمييز أو تحمّل الرشاوى. أما إذا استمر السكوت، فالمصير بلا شك هو "مصر تقتل مواطنيها"، وسيتحمل كل من في هرم الدولة مسؤولية كل قطرة دم هُدرت بلا داعٍ.