في الوقت الذي يواصل فيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي سياسة عسكرة الدولة المصرية وتحويلها إلى ثكنة عسكرية على حساب التنمية والاقتصاد، تتسارع تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان نحو الاكتفاء الذاتي في الصناعات الدفاعية، مدشنة منظومة متطورة للحماية الجوية هي الأولى من نوعها في المنطقة.
وبينما ينشغل السيسي بفتح منافذ لبيع الفول والطعمية وتفريغ مؤسسات الدولة من الكفاءات المدنية، تعمل تركيا على بناء قوة ردع حقيقية تحمي سيادتها وتعزز أمنها القومي. مشهدان متناقضان: خراب اقتصادي وتبعية عسكرية في القاهرة، مقابل نهضة صناعية وتكنولوجية في أنقرة.
عسكرة الدولة المصرية.. وهم السيطرة المطلقة
منذ وصول السيسي إلى السلطة بعد انقلاب 2013، عمد إلى إحكام قبضة الجيش على كل مظاهر الحياة المدنية، من الاقتصاد إلى القضاء وحتى الأوقاف.
الخبير الاقتصادي مدحت نافع يرى أن عسكرة الدولة المصرية أدت إلى "إقصاء القطاع الخاص، وتحويل الاقتصاد إلى نشاط ريعي تابع للمؤسسة العسكرية"، وهو ما ساهم في إفلاس الشركات المدنية وزيادة معدلات البطالة والفقر.
الهيمنة على الإعلام وتفريغ المؤسسات
لم تقتصر عسكرة الدولة على الاقتصاد، بل امتدت إلى الإعلام والسلطة القضائية.
الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز يؤكد أن "استحواذ الجيش على الإعلام خلق خطابًا أحاديًا يبرر الفشل الاقتصادي ويخنق الحريات".
كما أشار الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل إلى أن "شروط الالتحاق بوظائف الدولة، ومنها اجتياز الدورات العسكرية، هدفها إخضاع العقول وتطويعها لخدمة النظام".
خراب الاقتصاد.. والجيش يبيع الجمبري وكحك العيد
بينما كان العالم يواجه تحديات اقتصادية، لجأ النظام المصري إلى التوسع في مشروعات شكلية بلا جدوى إنتاجية حقيقية، في الوقت الذي توسع فيه الجيش في السيطرة على الأسواق المدنية، من بيع الطرشي والفول والطعمية وحلوى المولد إلى الاستيلاء على الثروة السمكية والداجنة.
الخبير الاقتصادي خالد عبد الله قال: "عندما تصبح مؤسسة عسكرية عملاقة لاعبًا في كل القطاعات، فإن النتيجة الطبيعية هي انهيار التنافسية وتراجع الاستثمار الأجنبي".
تركيا تبني درعًا فولاذيًا.. السيسي يفتح منافذ للتموين
في المقابل، أطلق أردوغان مشروع "القبة الفولاذية"، وهو أول منظومة دفاع جوي تركية متكاملة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والصناعات المحلية بنسبة 100%.
الخبير العسكري التركي خلوق غورغون أكد أن "النظام الجديد يجعل تركيا ضمن أقوى 10 دول في الدفاع الجوي عالميًا"، بينما السيسي يركز على المشاريع الاستهلاكية قصيرة الأجل بلا مردود استراتيجي، ما يترك مصر مكشوفة أمام التهديدات الإقليمية.
المشهد بات صارخًا: تركيا تصنع، والسيسي وجيشه يبيعون الجمبري وحلوى المولد، وبينما تركيا تحمي حدودها، فمصر تغرق في الديون.
السيسي الذي جاء بشعار مدغدغا للمشاعر بحجة إنقاذ مصر، جعلها أسيرة للعسكر، بلا صناعة حقيقية، وبلا اقتصاد قادر على الصمود.
والنتيجة واضحة: بينما تسير أنقرة نحو السيادة، يمضي السيسي بمصر نحو التبعية والانهيار.