بينما تحتفل إثيوبيا بقيادة آبي أحمد باكتمال بناء سد النهضة على النيل الأزرق، يبدو أن مصر تحت حكم عبد الفتاح السيسي تدفع ثمن سنوات من الضعف السياسي والتفريط الممنهج في حقوقها المائية. ففي الوقت الذي تُقيم فيه أديس أبابا احتفالات ضخمة بحضور رؤساء دول وألوف المشاركين، تكتفي القاهرة بإصدار بيانات رسمية تدعو المجتمع الدولي إلى التحرك، في موقف يعكس فشل النظام في حماية المصالح الحيوية للشعب المصري.

 

دعوات عبثية وحقوق مهدورة

رفض وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الدعوة الإثيوبية للمشاركة في حفل تشغيل السد، واصفاً إياها بأنها "دعوة عبثية". لكن هذا الرفض لا يغير الحقيقة: سنوات من المفاوضات الفاشلة تحت قيادة السيسي، وعجز عن فرض اتفاق قانوني ملزم، جعلت مصر أمام واقع مهدور فيه جزء كبير من حصتها المائية. التحركات الدبلوماسية الضعيفة والتهديدات الباهتة للمجتمع الدولي لا تعوض عن التفريط السياسي الذي سمح لإثيوبيا بالتحكم الكامل في مراحل الملء والتشغيل.

 

سد النهضة بين إنجاز إثيوبي وأزمة مصرية

السد، الذي يُتوقع أن يولد نحو 6 آلاف ميغاوات من الكهرباء، يشكل تهديداً وجودياً لمصر. احتفالات إثيوبيا به تعكس قدرة الدولة الإثيوبية على إدارة مشروع وطني كبير، بينما مصر بقيادة السيسي تفتقر لأي استراتيجية حقيقية لحماية الأمن المائي والغذائي لمواطنيها. الفشل في التفاوض لا يهدد فقط الأمن المائي، بل يفاقم أزمة الفقر والجفاف ويضع حياة أكثر من 150 مليون مصري على المحك.

 

خسارة التفاوض والسيادة المائية

المحللون السودانيون، مثل المستشار السابق لوزير الري عمار عوض، وصفوا الدعوة الإثيوبية بأنها استفزازية، وأكدوا أن القاهرة لم تحقق أي تقدم ملموس في المفاوضات، ما يجعل الاحتفال الإثيوبي بمثابة إذلال دبلوماسي لمصر. كل يوم يمر دون اتفاق قانوني ملزم هو يوم يُضاف إلى قائمة الخسائر المائية والاقتصادية لمصر، بينما يواصل السيسي وفريقه التبجح السياسي والادعاءات الفارغة حول الدفاع عن حقوق الشعب دون أي خطوات عملية على الأرض.

 

فشل استراتيجي وتفريط لا يُغتفر

مع اقتراب احتفالات إثيوبيا وتشغيل السد، يبرز السيسي كرمز لفشل سياسي واستراتيجي أدى إلى تهديد الأمن القومي المصري. الشعب المصري يُترك أمام أزمة مياه حقيقية نتيجة سياسات ضعف الإدارة والتفريط في الحقوق الحيوية، بينما تبقى التصريحات الرسمية مجرد كلام بلا أثر. ما كان يمكن أن يكون فرصة للتفاوض العادل وضمان حقوق مصر أصبح اليوم مسرحاً لانتصار إثيوبي على حساب ملايين المصريين.

في ضوء ذلك، لا تكفي البيانات والتصريحات الإعلامية، ولا يكفي انتظار المجتمع الدولي، بل هناك حاجة ملحة لتحرك دبلوماسي مصري عاجل وحقيقي لتصحيح أخطاء السنوات الماضية واستعادة ما تبقى من الحقوق المائية، قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة لا يمكن التراجع عنها.