قالت مصادر مصرية متطابقة إن حجم الديون الخارجية المستحقة على مصر حتى سبتمبر 2025، والتي لا تقل عن 44 مليار دولار، ما دفع مجلس الوزراء إلى اتخاذ قرارات استثنائية، من بينها موافقة مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية على بعض الطلبات المتعلقة بتخصيص أراض لبعض الشركات بنظام البيع بالدولار الأميركي من خارج البلاد، بمدن ناصر الجديدة، والقاهرة الجديدة، وبني سويف الجديدة، وبرج العرب، والمنصورة الجديدة، وحدائق أكتوبر، وبدر، ودمياط الجديدة، و15 مايو، والشيخ زايد، والعاشر من رمضان.

ووفقًا لبيان صدر من مجلس الوزراء، قرر تخصيص الأراضي لتنفيذ أنشطة تجارية، وإدارية، وسكنية، وعمرانية مختلطة، وثقافية، وترفيهية، وفندقية، وطبية، وصناعية، ومعرض ومركز خدمة وصيانة سيارات، وورش.

وسبقت تلك القرارات المتخبطة بالتفريط بالأراضي المصرية، قرارات مشابهة، فكانت الجريدة الرسمية المصرية قد أعلنت يوم الثلاثاء 10 يونيو 2025 عن قرار الدولة بتخصيص أرض تابعة لها لوزارة المالية في محافظة البحر الأحمر. وتبلغ مساحة الأرض المخصصة أكثر من 174 كيلومتراً مربعاً، والغرض من هذا التخصيص هو استخدام الأرض في جهود الدولة لخفض الدين العام وإصدار صكوك سيادية.

مع أن القرار لم يوضح كيفية استغلال الأرض، إلا أن مصر، التي تواجه صعوبات اقتصادية كبيرة، سبق أن وقّعت اتفاقاً مع الإمارات في العام السابق لتطوير جزء من الأراضي المطلة على البحر الأبيض المتوسط ضمن مشروع بلغت قيمته 35 مليار دولار. ومنذ ذلك الحين، تبذل الحكومة جهوداً حثيثة للتفريط في أراضي المصريين للتخلص من تلك الديون وحل الأزمة الاقتصادية.

ومنذ أيام وجّه الحكومة إلى فتح باب التفاوض العاجل مع دول الخليج، وعلى رأسها قطر والسعودية، من أجل إقناعها بالاستثمار في المساحة المخصصة على البحر الأحمر، خاصة مع التشابه الكبير مع مشروع رأس الحكمة الذي حصلت فيه أبوظبي على حصة كبيرة مقابل نحو 35 مليار دولار. ويبدو أن الحكومة تسعى لتكرار التجربة، ولكن هذه المرة مع شركاء جدد وفي موقع استراتيجي آخر.

هذا التوجه يشير إلى أن الحكومة عادت مرة أخرى إلى سياسة بيع أو تخصيص الأصول مقابل تمويلات دولارية، وهي السياسة التي أثارت جدلاً واسعاً في السنوات الأخيرة، وسط تساؤلات مستمرة حول جدواها الاقتصادية، وأثرها على سيادة الدولة وحقوق الأجيال المقبلة.

ويرى محللون وجود صلة مباشرة بين تخصيص أراضٍ لصالح المستثمرين وصندوق النقد بعد دمج الشريحتين الخامسة والسادسة من قرض صندوق النقد الدولي وعدم تحديد موعد لهما، وذلك استمرارا لإرضاء الحكومة لتنفيذ شروط الاتفاق، بما في ذلك تحرير سعر الصرف، ترشيد دعم الطاقة، وطرح أصول الدولة للاستثمار أو البيع.

وكانت بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري الأربعاء 11 يونيو 2025، تضمنت الحديث عن انخفاض في صافي الأصول الأجنبية بمقدار 1.5 مليار دولار خلال شهر أبريل ، وذلك مقارنة بشهر مارس الذي شهد ارتفاعاً عقب الموافقة على المراجعة الرابعة لبرنامج صندوق النقد الدولي.

ووفقاً لحسابات رويترز المستندة إلى سعر الصرف الرسمي للبنك المركزي، انخفض صافي الأصول الأجنبية إلى ما يعادل 13.54 مليار دولار بعد أن كان 15.08 مليار دولار في نهاية مارس.

وكان صافي الأصول الأجنبية قد قفز بمقدار 4.9 مليار دولار في شهر مارس عقب موافقة صندوق النقد على صرف 1.2 مليار دولار لمصر بعد استكمال مراجعته لبرنامج الإصلاح الاقتصادي البالغة قيمته ثمانية مليارات دولار، بالإضافة إلى موافقة الصندوق على طلب تمويل إضافي بقيمة 1.3 مليار دولار بموجب تسهيل الصلابة والاستدامة التابع له.

ويعد ذلك مؤشر على هشاشة الوضع الاقتصادي، فتراجع صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي بقيمة مليار ونصف المليار دولار خلال الشهر الماضي، مرجحاً أن يكون السبب في ذلك هو سداد التزامات خارجية أو انسحاب الأموال الساخنة التي تتنقل بين الأسواق بحثاً عن العوائد السريعة في ظل بيئة اقتصادية غير مستقرة.

 

الديون الخارجية

ووفقاً لتقارير مجلس الوزراء المصري، فإن الحكومة المصرية تتوقع ارتفاع الفجوة التمويلية في موازنة العام المالي المقبل (2025-2026) بأكثر من 25% لتصل إلى 3.6 تريليونات جنيه، بما يعادل نحو 70 مليار دولار وفقاً لتوقعات سعر الدولار في الموازنة الجديدة.

وتعتزم وزارة المالية تغطية عجز الموازنة من خلال إصدار أدوات دين محلية جديدة، في صورة أذون خزانة بقيمة 2.2 تريليون جنيه، وسندات خزانة بنحو 928.9 مليار جنيه، في إطار خطة حكومية تستهدف زيادة الإنفاق على الرعاية الاجتماعية، وسد العجز في الموازنة.

وارتفعت ديون مصر الخارجية بنسبة 1.5% على أساس ربع سنوي، إلى 155.2 مليار دولار في الربع الأول من العام المالي (2024-2025)، مقارنة بـ152.9 مليار دولار في نهاية العام المالي (2023-2024)، وفق بيانات البنك المركزي الرسمية.

وتضاعفت ديون مصر الخارجية نحو أربع مرات خلال السنوات العشر الماضية، نتيجة

زيادة الاقتراض من الدول الهيئات الدولية المانحة حيث تمثل الديون المقومة بالدولار الأمريكي أكثر من ثلثي الديون الخارجية للبلاد.