أصبح استغناء ملايين الأسر في مصر عن المصيف مع ارتفاع الأسعار يعد تمريناً عملياً على فكرة المرونة والتكيف، مع الفقر الذي طالهم بسبب سياسات العسكر الفاسدة، حيث بلغت نسبة إنفاق المصريين على بند «الثقافة والترفيه» 2.4 في المائة فقط من مجمل إنفاقهم، وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ما يعني أن ذهاب أطفالهم للاستمتاع بهواء نقي والسباحة في بلد تعج بآلاف الشواطئ بات من الأحلام والمستحيلات.

لكن مع تلك الظروف القاسية التي يعيشها الآباء لم يحرموا أبنائهم من الترفيه فلجأوا عادة لبدائل أخرى، إذا لم يتستطعوا تلبية طموحاتهم في السفر لمدن ساحلية، سواء بنزهات أمام النيل، أو بأخرى في حديقة عامة، أو حتى التمشية ليلاً.

ومع ذلك فحتى البدائل ليست دائماً متاحة؛ فالمواصلات العامة مزدحمة، وأي نزهة الآن تحتاج إلى مصاريف سيارة خاصة، وأخرى لتلبية احتياجات الأطفال؛ لذا اكتفى العديد منهم بزيارة الأقارب.

وقال الباحث الاقتصادي في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، محمد رمضان، إن الأنشطة الترفيهية، ومن ضمنها المصيف، يتحكم فيها ما يتبقى من ميزانية الأسر بعد الإنفاق على بنود الحياة الأساسية من مأكل وملبس وتعليم وصحة وغيرها، مشيراً إلى أنه في مقابل زيادة الإنفاق على هذه البنود بفعل ارتفاع الأسعار، يتراجع هامش الترفيه لدى الأسر وتتغير أشكاله.

وأضاف أن «الأسر تتكيف مع ميزانيتها المتغيرة؛ فتتجه مثلاً إلى قرية في (الساحل الشمالي) أقل تكلفة من (مراسي) لو كانت تعتاد قضاء المصيف فيها، أو تغيّر وِجهتها تماماً إلى مدن ساحلية أخرى أقل تكلفة مثل شرم الشيخ، أو الإسكندرية، وهكذا إلى أن تعزف عن الذهاب إلى أي شاطئ».

واعتبر رمضان أن «تراجع نسب الإنفاق على الترفيه في مصر يعكس بشكل مباشر الأزمة المعيشية لدى العديد من الطبقات».

 

غضب واستنكار

وأظهر العديد من النشطاء عدم قدرتهم على الذهاب إلى المصايف في ظل موجة الغلاء التي يعانون منها، فكتب إسماعيل حسني "لما تكون السياسة والتعليم والصحة والطرق والإتصالات وسعر العملة خربانين يبقى مفيش حاجة تانية لها قيمة حتى لو كانت حلوة المونوريل حلو بس لا قيمة له البرج الأيقوني حلو بس لا قيمة له مصيف الحكومة في العلمين حلو بس مصيبة سودة على دماغنا كلنا."

https://x.com/IsmailHosny1/status/1943247691594559636

وقالت الناشطة رانيا الكاتب "بنا يصلح حالهم واحد بيقول احنا يادوب نطلع اسكندرية والتاني بيقول مصيف ايه أنا هشتغل وده حال معظم الاولاد في السن الصغير ده ولا حد جنى الثمار ولا عارفين يستمتعوا والدولار اللي بقى بخمسين جنيه جابلهم الفقر وسوء التغذية".

https://x.com/ElkhateebRania/status/1943241818877104480

وسخرت نسمة "عوزه اطلع مصيف ب ال خمسه جنيه للي معايا.".

https://x.com/nasmaemad94/status/1943398485614587978

وتهكم إيهاب "هو مينفعش اطلع مصيف على نفقه الدوله".

https://x.com/ehab1o/status/1943347596808065042

وأشار جوني "مفيش حاجة وجعتني السنه دي غير جملة ابويا "مفيش مصيف السنادي"".

https://x.com/gangananot/status/1943015998489026682

وسجّلت مصر نسبة تضخم على أساس سنوي في يونيو الماضي بلغت 14.9 في المائة، في وقت تشهد البلاد أزمة اقتصادية ممتدة منذ عام 2016، دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي مرتين؛ الأولى في 2016، والأخرى في 2023.