أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات، الجدول التفصيلي لانتخابات مجلس الشيوخ، والتي تنطلق أول أغسطس المقبل، في ظل مؤشرات قوية على هيمنة رجال الأعمال المدعومين من الدولة، وعلى رأسهم حزب "العرجاني"، وسط جدل واسع حول جدوى مجلس بلا صلاحيات حقيقية.

ووفق الجدول الرسمي، تبدأ عملية الترشح من السبت 5 يوليو حتى الخميس 10 يوليو، في مقار المحاكم الابتدائية من التاسعة صباحًا حتى الخامسة مساءً، باستثناء اليوم الأخير الذي ينتهي فيه التقديم في الثانية ظهرًا.

وتُعلن كشوف وأسماء المرشحين ورموزهم يوم الجمعة 11 يوليو، عبر صحيفتي "الأخبار" و"الجمهورية"، على أن تُفصل محكمة القضاء الإداري في الطعون المقدمة ضد المرشحين في الفترة من 14 إلى 16 يوليو.

ويُنتظر إعلان القائمة النهائية للمترشحين وبدء الدعاية الانتخابية يوم 18 يوليو، مع تحديد 20 يوليو كآخر موعد لتنازلات الترشح. وتبدأ فترة الصمت الانتخابي في 31 يوليو، تمهيدًا لانطلاق التصويت للمصريين بالخارج يومي 1 و2 أغسطس، بينما تُجرى الانتخابات في الداخل يومي 4 و5 أغسطس، وتُعلن النتيجة في 12 من الشهر نفسه.

وفي حال وجود جولة إعادة، تستأنف الدعاية الانتخابية في نفس اليوم، مع الطعن على النتائج خلال 48 ساعة، بحد أقصى الخميس 14 أغسطس، فيما تفصل المحكمة الإدارية العليا في الطعون بين 15 و24 أغسطس.

يُستكمل الصمت الدعائي لجولة الإعادة في 24 أغسطس، ويصوّت المصريون بالخارج في 25 و26 أغسطس، وفي الداخل يومي 27 و28 أغسطس، وتُعلن النتائج النهائية في الجريدة الرسمية يوم 4 سبتمبر 2025.

 

نظام انتخابي مزدوج.. وثلث الأعضاء بالتعيين

تُجرى الانتخابات وفق نظام مختلط: 50% بالقوائم المغلقة، و50% بالنظام الفردي، مع تقسيم دوائر القوائم إلى 4 مناطق تضم إجمالي 100 مقعد، و27 دائرة فردية تضم 100 مقعد أيضًا.

وبموجب التعديل الدستوري المصادق عليه من عبد الفتاح السيسي في 8 يونيو الماضي، يحق لرئيس الجمهورية تعيين ثلث عدد الأعضاء (100 نائب)، ليصل الإجمالي إلى 300 عضو، مع تخصيص نسبة 10% على الأقل من المقاعد للنساء.

وشملت تقسيمات الدوائر الكبرى:
الدائرة الأولى (37 مقعدًا): القاهرة، القليوبية، الدقهلية، المنوفية، الغربية، كفر الشيخ.

الثانية (37 مقعدًا): الجيزة، الفيوم، بني سويف، المنيا، أسيوط، الوادي الجديد، سوهاج، قنا، الأقصر، أسوان، البحر الأحمر.

الثالثة (13 مقعدًا): الشرقية، دمياط، بورسعيد، الإسماعيلية، السويس، شمال سيناء، جنوب سيناء.

الرابعة (13 مقعدًا): الإسكندرية، البحيرة، مطروح.

أما المقاعد الفردية فتوزعت على 27 محافظة، بينها 10 للقاهرة، 8 للجيزة، و7 للإسكندرية، في حين حصلت محافظات مثل بورسعيد، السويس، مطروح، وشمال سيناء على مقعد واحد فقط لكل منها.

 

مجلس صوري.. وتمديد الحكم

عاد مجلس الشيوخ إلى الحياة السياسية عام 2019، بديلًا لمجلس الشورى، بموجب تعديلات دستورية أقرّها البرلمان، هدفت أساسًا إلى تمديد فترة حكم السيسي حتى عام 2030.

ومنذ انعقاده عام 2020 وحتى فضه في 23 يونيو الماضي، اقتصر دور مجلس الشيوخ على إبداء الرأي غير الملزم في بعض مشاريع القوانين، دون امتلاك أي سلطات رقابية أو تشريعية حقيقية، وهو ما جعله محل انتقاد واسع باعتباره مجلسًا شكليًا لتجميل المشهد السياسي.

وبالمقارنة، فإن صلاحيات مجلس الشيوخ الحالي أقل حتى من تلك التي تمتع بها مجلس الشورى في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث كان دستور 1971 يُلزم بعرض القوانين المكملة للدستور على مجلس الشورى، بينما اكتفت المادة 249 من دستور 2014 بجعل العرض عليه اختياريًا.

 

حزب العرجاني.. الصاعد بقوة بدعم رئاسي

ورغم الطابع الرمزي للمجلس، تشير توقعات المراقبين إلى سيطرة شبه تامة لحزب "العرجاني"، الذي يرتبط بشبكة مصالح وثيقة مع النظام الحالي، وهو ما يؤكده ترجيح حصوله على النسبة الأكبر من المقاعد، سواء بالترشح المباشر أو بالتعيين.

ويُعد إبراهيم العرجاني، زعيم الحزب ورئيس "اتحاد القبائل العربية"، من أبرز رجال الأعمال الصاعدين خلال عهد السيسي. ينحدر من مدينة الشيخ زويد شمال سيناء، وكان قد اعتُقل لمدة عامين خلال عهد مبارك بتهم تتعلق بخطف رجال شرطة، قبل أن يُطلق سراحه في 2010.

أسس العرجاني لاحقًا شركة "أبناء سيناء"، وتحول إلى لاعب اقتصادي وسياسي بارز، خاصة مع الدور الذي أوكله له النظام في إدارة مناطق شاسعة بسيناء، وتأمين تحالفات قبلية لصالح السلطة، بدعوى مكافحة الإرهاب.

 

مجلس بدون معارضة.. وأدوار ترضوية

ويرى مراقبون أن انتخابات مجلس الشيوخ المقبلة ليست أكثر من "إعادة تدوير للوجوه الموالية"، في مشهد يخلو تقريبًا من أي تمثيل حقيقي للمعارضة أو المستقلين، ويأتي ضمن خطة محكمة لإحكام السيطرة الكاملة على مفاصل الدولة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي تواجهها البلاد، وتزايد الانتقادات الغربية لملف حقوق الإنسان.

ويقول الباحثون إن النظام يوظف هذا المجلس لتوزيع الأدوار والمناصب على الإعلاميين، ورؤساء الأحزاب الشكلية، وبعض النخب القبلية، في إطار ما يُعرف بـ"الترضيات السياسية"، دون أي نية حقيقية لإصلاح الحياة النيابية أو إفساح المجال لتعددية سياسية حقيقية.