رفقاء انقلاب السيسي.. الأصابع المبتورة لبيان انقلاب 3 يوليو (شاهد)
الخميس 3 يوليو 2025 07:30 م
في الثالث من يوليو 2013، وقف وزير الدفاع آنذاك، عبد الفتاح السيسي، يلقي بياناً حاسماً أطاح بأول رئيس منتخب في تاريخ مصر الحديث، محمد مرسي. خلفه وقفت وجوه بارزة تمثل القوى الدينية والمدنية، ترسم ملامح "خريطة طريق" تبخّرت ملامحها بعد ذلك سريعاً. واليوم، بعد 12 عاماً، بقي السيسي وحده على العرش، فيما توارى رفاقه الذين شاركوه البيان إما إلى الظل، أو المنافي، أو طواهم الموت.
من الميدان إلى الحكم المطلق
الانقلاب العسكري على، مرسي جاء وسط حالة استقطاب شديد، واستعان السيسي -بحسب مراقبين- بجميع أطياف المشهد السياسي والديني لتبرير الانقلاب تحت غطاء شعبي ووطني.
لم يكن البيان مجرد إعلان عزل، بل تقاسماً مؤقتاً للشرعية بين العسكر ومجموعة رموز دينية وسياسية، مثل شيخ الأزهر أحمد الطيب، وبابا الكنيسة تواضروس الثاني، ومحمد البرادعي، وممثل حزب النور السلفي جلال مرة، إضافة إلى رموز من حركة "تمرد" التي دشنت التوقيعات ضد مرسي.
ومع توالي السنوات، تفرّق شركاء البيان: من ظل في الدائرة الدافئة، ومن انسحب أو أُقصي، ومن أصبح معارضاً في الخارج، ومن بقي محاصَراً بموقعه بلا نفوذ فعلي، بينما انفرد السيسي بالسلطة، وكرّس لنظام أكثر صرامة وشمولية من أي وقت مضى.
أحمد الطيب.. العالم الذي قال "لا"
لم يكن الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب من مؤيدي ثورة يناير 2011 أصلاً، بل وصفها بـ"الفوضى المحرّمة شرعاً"، إلا أنه انضم لبيان 3 يوليو بحجة "ارتكاب أخف الضررين" والخروج من "المأزق السياسي".
دعم الطيب فكرة الانتخابات المبكرة بديلاً عن حكم مرسي، لكنه لم يكن يعلم -كما قال لاحقاً- بقرار فض اعتصام رابعة، حيث سقط آلاف القتلى والجرحى.
بعد ذلك، دخل شيخ الأزهر في صدامات متكررة مع السيسي، لرفضه ضغوطاً رئاسية لتعديل تشريعات دينية، أبرزها "الطلاق الشفوي" و"تجديد الخطاب الديني"، الأمر الذي جعل السيسي يقول له علناً: "تعبتني يا فضيلة الإمام".
رغم تلك الضغوط، بقي الطيب في منصبه، لكنه محاط بنيران إعلام النظام، ومحاولات تشريعية لعزله لم تصل إلى مبتغاها.
تواضروس.. دعاء بلا أمان
كان البابا تواضروس الثاني من أبرز المشاركين في بيان الانقلاب، قائلاً إن مصر تبدأ "عهداً جديداً ودستوراً جديداً"، لكن آماله في استقرار للأقباط لم تتحقق. فقد شهدت السنوات التالية حوادث استهداف لكنائس، وتهجيراً قسرياً للأقباط في سيناء، وعمليات تفجير متكررة.
ورغم ذلك، استمر البابا في إعلان دعمه للسيسي، واصفاً إياه بـ"بطل 30 يونيو"، فيما لم تفُت السيسي مناسبة إلا وزار فيها الكنيسة مهنئاً بالأعياد ومكرراً وعود الحماية، وسط تساؤلات حول جدوى الدعم الكنسي في ظل تصاعد العنف الطائفي.
البرادعي.. الرمز الذي انسحب
شارك محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية المؤقت آنذاك في بيان الإطاحة بمرسي ممثلاً للتيار المدني، لكنه سرعان ما استقال بعد مجزرة فض اعتصام رابعة، قائلاً إن الأمور "سارت في اتجاه مخالف لما تم الاتفاق عليه".
استقالة البرادعي فتحت عليه أبواب التخوين، فبات يُهاجم يومياً في إعلام النظام، وطُالب بسحب جنسيته. يعيش الآن في الخارج، وعبّر لاحقاً عن ندمه، مشيراً إلى أن الاتفاق الأصلي تضمّن "خروجاً آمناً لمرسي، ومصالحة وطنية، وعدم إقصاء الإسلاميين"، وهي بنود لم تُنفذ، بل انقلب عليها السيسي لاحقاً، كما يقول.
جلال مرة.. حزب النور في جبهة مجهولة
مثّل جلال مرة حزب النور السلفي في بيان الانقلاب، مبرراً ذلك بـ"حقن الدماء"، لكنه لم يحصد شيئاً من الغنائم. فبعد أن كان الحزب في موقع متقدم ببرلمان 2012، تراجعت شعبيته، وتعرض قادته لهجمات إعلامية متكررة، باعتبارهم "ممثلين لتيارات دينية ظلامية".
ورغم تحالفه الظاهري مع السلطة، بقي حزب النور في "المنطقة الدافئة" دون نفوذ حقيقي، وأصبح مجرد ديكور سياسي يُستدعى عند الحاجة، ويُنتقد في بقية الأوقات.
"تمرد".. الثورة التي التهمها أبناؤها
مثّلت حركة "تمرد" رأس الحربة في الإطاحة بمرسي، بمطالبات واسعة بعزله، لكنها اختفت تماماً بعد ذلك من المشهد. محمود بدر الشهير بـ:محمود بانجو"، أحد مؤسسيها، أصبح برلمانياً ثم رجل أعمال يستعرض سياراته الفارهة، فيما اختفى آخرون، مثل حسن شاهين، الذي انضم لحملة حمدين صباحي ثم انسحب من العمل السياسي.
وكشفت تسريبات إعلامية عن تلقي تمويلات عسكرية ومن الامارات والسعودية لتحريك "تمرد"، وهو ما أثار جدلاً واسعاً حول حقيقة استقلاليتها، وبعض رموزها اعترف لاحقاً بـ"الندم" على المشاركة في الانقلاب.
نهاية المشهد: الحكم للسيسي وحده
اليوم، لم يتبقّ من شركاء 3 يوليو سوى ظلال بعيدة في الصورة. تحوّل السيسي من "منقذ مؤقت" إلى حاكم مطلق، عدّل الدستور، مدّد ولايته، وأحكم سيطرة الجيش على مفاصل الدولة. أما رفاقه، فإما صمتوا، أو انقلبوا على المشروع، أو أصبحوا أدوات دعائية للنظام.
شاهد:
بيان شيخ الأزهر أحمد الطيب:
https://www.youtube.com/watch?v=PAiVvXi0qkg
كلمة البابا تواضروس:
https://www.youtube.com/watch?v=jkNZU5iu8vw
بيان محمد البرادعي:
https://www.youtube.com/watch?v=BHuclN8fPrU
كلمة جلال مرة أمين حزب النور:
https://www.youtube.com/watch?v=ToJC2QEi23w
كلمه محمود بدر، الشهير بمحمود بانجو، مؤسس حركة تمرد:
https://www.youtube.com/watch?v=TrBaG2Afuac