تدرس وزارة المالية فرض ضريبة القيمة المضافة على أنشطة التدريب، في إطار ما تصفه بـ"إعادة هيكلة الإعفاءات" دون المساس بنسبة الضريبة العامة المقدرة بـ14%، في خطوة تثير القلق لدى قطاعات واسعة من المهنيين والمتعلمين.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن التوجه الجديد يهدف إلى تقليص حجم الإعفاءات الضريبية التي تتمتع بها بعض الجهات العاملة في مجالات التعليم والتدريب، بما في ذلك المنصات الرقمية والمراكز المهنية، لا سيما تلك التي تمارس أنشطة مدفوعة عبر الإنترنت.
ويقتصر الإعفاء الحالي على المؤسسات التي تزاول التعليم أو التدريب أو البحث العلمي فقط، بشرط أن يكون ذلك هو نشاطها الأساسي، وأن تكون غير هادفة للربح.
أما الجهات التي تجمع بين التدريب والأنشطة التجارية، فباتت مرشحة لدخول مظلة الضرائب قريبًا، وفقًا للتعديلات المرتقبة.
ضرائب على التعليم الرقمي والمراكز المهنية
المصادر ذاتها أشارت إلى أن وزارة المالية تراقب عن كثب اتساع سوق التعليم الرقمي والمنصات التعليمية الأجنبية التي تقدم خدماتها للمصريين، وتسعى إلى إدخال هذه المنصات ضمن نظام الموردين المبسط، تمهيدًا لفرض الضريبة عليها.
ورغم تأكيد الحكومة على عدم زيادة نسبة الضريبة العامة، إلا أن إعادة النظر في الإعفاءات سيؤدي عمليًا إلى تحميل المواطنين، خاصة من يسعون لتطوير مهاراتهم أو الحصول على تدريب مهني، أعباء مالية إضافية.
فاقد ضريبي ضخم وسعي لزيادة التحصيل
وفق تقرير "النفقات الضريبية" للعام المالي 2023/2024، فإن الإعفاءات من ضريبة القيمة المضافة تسببت في فقدان نحو 267.6 مليار جنيه من الإيرادات المحتملة.
وتشير التقديرات إلى إمكانية رفع الحصيلة الضريبية بنحو 16.2 مليار جنيه إضافية سنويًا في حال توحيد السعر العام عند 14% وإلغاء الإعفاءات القائمة.
وبلغت حصيلة ضريبة القيمة المضافة في العام المالي الماضي نحو 681.6 مليار جنيه، وهو ما يمثل ما يقرب من 42% من إجمالي الإيرادات الضريبية، وتستهدف وزارة المالية رفع هذا الرقم إلى 828 مليار جنيه خلال العام المالي الجاري.
زيادة في أعداد الممولين.. وتضييق على الأنشطة المعفاة
منذ بدء تطبيق الضريبة في 2016، ارتفع عدد المسجلين في منظومة القيمة المضافة من 200 ألف إلى أكثر من 800 ألف ممول.
وترافق هذا التوسع مع خطوات متواصلة لتقليص قائمة الأنشطة المعفاة، التي كان يُنظر إليها سابقًا باعتبارها أساسية أو خدمية للمجتمع.
وتشير الخطط الحالية إلى استمرار الحكومة في هذا الاتجاه، عبر مراجعة الإعفاءات الممنوحة لمراكز التدريب، سواء التقليدية أو الرقمية، ما قد يؤدي إلى رفع تكلفة الخدمات التعليمية والتدريبية على الأفراد.
سياسات لا تمس الأغنياء.. والضغط على متوسطي ومحدودي الدخل
ورغم تطمينات وزارة المالية بأنها تسعى لـ"مراعاة مصالح الممولين" و"حماية محدودي الدخل"، إلا أن فرض ضريبة على خدمات التدريب، التي يعتمد عليها الشباب والباحثون عن عمل لتحسين فرصهم، يفتح الباب أمام تساؤلات حول العدالة الضريبية وأولويات الدولة في توزيع الأعباء.
ويأتي هذا التوجه في ظل عدم فرض ضرائب استثنائية على الأنشطة الرفاهية أو الفئات الأكثر دخلًا، ما يثير انتقادات متزايدة حول تحميل الشرائح الوسطى والفقيرة الجزء الأكبر من السياسات الضريبية دون توفير مقابل اجتماعي واضح.