في زيارة غير مسبوقة من حيث التوقيت والمضمون، فاجأ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان المسؤولين المصريين خلال لقائه بهم في القاهرة هذا الشهر، بكشفه عن ما وصفه بـ"مخطط إسرائيلي واسع" يطال الأمن القومي المصري، يتعلق بسيناء ونقل سكان فلسطينيين إليها ضمن مشروع تهجير قسري وإعادة تموضع للجيش المصري في بعض مناطقها.

فماذا كشفت المعلومات لخطيرة حول مخطط إسرائيلي في سيناء؟!

وكيفية حصول الإيرانيين على هذه المعلومات؟!

ودلالات توقيت الكشف عنها؟!

ولمن وجهت هذه الوثائق؟!

 

ماذا كشفت المعلومات لخطيرة حول مخطط إسرائيلي في سيناء؟!

بحسب مصادر دبلوماسية مطلعة تحدثت لوسائل إعلام عربية ودولية، فإن الوزير الإيراني سلّم الجانب المصري مجموعة من الوثائق الاستخباراتية التي تشير إلى نية إسرائيل - بدعم أمريكي - تنفيذ خطة إعادة توزيع ديموغرافي في قطاع غزة عبر نقل آلاف الفلسطينيين إلى مناطق داخل سيناء، تحديدًا في شمال شرق المحافظة، في مناطق جرى إفراغ بعضها جزئيًا خلال السنوات الماضية تحت مبرر محاربة الإرهاب.

كما تضمنت الوثائق صورًا جوية عبر الأقمار الصناعية، وتقارير إيرانية تزعم أن إسرائيل بدأت بالفعل بتمهيد بعض المناطق القريبة من رفح المصرية، وتخطط لإنشاء ما يشبه "منطقة عازلة موسعة" تحت إشراف دولي، وربما برعاية إماراتية أو سعودية، بحجة استيعاب النازحين من غزة.

 

كيف حصل الإيرانيون على هذه المعلومات؟

  • عملية استخباراتية واسعة:

نجحت الاستخبارات الإيرانية في تنفيذ اختراق أمني كبير داخل إسرائيل، حيث تمكنت من تهريب آلاف الوثائق النووية والعسكرية الحساسة إلى داخل إيران.

هذه الوثائق تضمنت خرائط ومخططات لمشاريع ومنشآت نووية إسرائيلية، بالإضافة إلى خطط عسكرية عالية السرية، من بينها خطة اجتياح سيناء.

  • اعتقال عملاء داخل إسرائيل:

تزامن الإعلان الإيراني مع اعتقال الشرطة الإسرائيلية في 20 مايو 2025 لمواطنين إسرائيليين بتهمة جمع معلومات لصالح طهران، ورجحت التحليلات دورهما في تسريب الوثائق.

  • تكتم على تفاصيل الاختراق:

رغم عدم كشف طهران عن تفاصيل كيفية تنفيذ عملية الاختراق أو نقل الوثائق، أكدت أن العملية كانت معقدة وواسعة النطاق، وشملت نقل الملفات دفعة واحدة لضمان عدم تسريبها قبل وصولها إلى مواقع آمنة داخل إيران.

 

كما تشير تحليلات عدة إلى أن إيران استعانت بمزيج من الوسائل الاستخباراتية، بينها تكنولوجيا مراقبة إلكترونية متقدمة وطائرات مسيرة، إلى جانب شبكة علاقاتها داخل بعض الفصائل الفلسطينية واللبنانية التي تنشط قرب الحدود مع إسرائيل.

وتذهب تقديرات خبراء في شؤون الاستخبارات، من بينهم الباحث محمد عبده في "مركز الدراسات الأمنية والاستراتيجية بطهران"، إلى أن إيران استغلت ثغرات في التنسيق الأمني بين إسرائيل وبعض الدول العربية لكشف التحركات البرية الإسرائيلية داخل سيناء.

كما ذكرت مصادر غير رسمية أن حزب الله اللبناني ساهم في توفير معلومات ميدانية عبر عناصره المتغلغلة في جنوب لبنان والتي ترصد التحركات الإسرائيلية على الحدود وفي الداخل المحتل.

 

توقيت الكشف.. رسالة مزدوجة؟

جاء توقيت الزيارة الإيرانية بعد أيام قليلة من تصريحات إسرائيلية رسمية على لسان وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، قال فيها إن "مصر ينبغي أن تتحمل مسؤولية غزة بعد الحرب"، ما اعتبره مراقبون تمهيدًا لحل سياسي بفرض التهجير إلى سيناء.

ويرى محللون أن إيران أرادت، من خلال هذه الخطوة، إرسال رسائل في اتجاهين:

  1. لمصر: بأن طهران يمكن أن تكون حليفًا معلوماتيًا في قضايا الأمن القومي العربي إذا تقاربت القاهرة معها سياسيًا، وربما تمهيدًا لتحسين العلاقات المتوترة بين الطرفين.
  2. لإسرائيل والولايات المتحدة: بأن إيران قادرة على اختراق الحسابات الأمنية في المنطقة، وكشف المشاريع السرية التي تمس دولًا عربية، وبالتالي تثبيت نفسها كقوة إقليمية رقابية.

 

كيف استقبلت مصر هذه المعلومات؟

وفق تسريبات محدودة من مصادر دبلوماسية، فإن الجانب المصري تعامل بـ"حذر واهتمام" مع ما قدمه الوزير الإيراني، حيث لم يصدر أي تعليق رسمي يؤكد أو ينفي، لكن مصادفةً، أصدرت السلطات المصرية في اليوم التالي للزيارة بيانات أمنية جديدة تؤكد استمرار "التمركز العسكري في شمال سيناء، ومواصلة الجهود لتأمين الحدود الشرقية".

وتشير بعض التحليلات إلى أن القاهرة قد تستخدم هذه المعلومات كورقة ضغط سياسية على إسرائيل في المفاوضات المستمرة بشأن ما بعد الحرب في غزة، خاصة في ظل رفض مصر القاطع لأي مساس بسيادتها أو قبول تهجير الفلسطينيين إلى أراضيها.

 

ردود فعل إقليمية ودولية

أثارت التسريبات الإيرانية ردود فعل متباينة، فقد رحبت بها جهات فلسطينية مثل حركة حماس والجهاد الإسلامي، باعتبارها تأكيدًا على "نية الاحتلال تنفيذ تطهير عرقي جديد"، فيما التزمت الولايات المتحدة الصمت، بينما نفت إسرائيل عبر مصدر أمني لصحيفة "هآرتس" وجود أي "خطة تهجير فعلية"، متهمة إيران بـ"نشر معلومات مضللة لخدمة أجنداتها".

 

هل تتحول سيناء إلى ساحة صراع خفي؟

تكشف هذه الحادثة عن تصاعد حدة التنافس الإقليمي حول مستقبل غزة وسيناء، في ظل انهيار المنظومة السياسية الحالية في الأراضي المحتلة، وإذا كانت مصر حريصة على حماية حدودها، فإن التدخلات الإيرانية تكشف عن رغبة طهران في قلب الطاولة على التحالفات التقليدية عبر أسلوب "كشف الأسرار" بدلًا من القوة العسكرية.

في كل الأحوال، يبدو أن سيناء عادت إلى واجهة الاهتمام الإقليمي، ولكن هذه المرة في سياق تهديدات خفية تتقاطع فيها الجغرافيا مع السياسة واللاجئون مع الأمن القومي.