رفض النائب ضياء الدين داود، عضو مجلس النواب، مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد 2025/2026، موجّهًا انتقادات لاذعة للحكومة، ومتهمًا إياها بتقديم صورة مضللة عن الواقع الاقتصادي عبر أرقام لا تعكس تحسنًا حقيقيًا على الأرض.

وفي كلمة قوية ألقاها داخل قاعة المجلس، شدد داود على أن البيانات الحكومية، التي تم تقديمها على مدار حكومتين متعاقبتين برئاسة مصطفى مدبولي، "تكشف زيف الادعاء بخفض الدين العام"، مضيفًا: "نحن لا نرى انخفاضًا حقيقيًا في الدين، بل زيادة مهولة، والمشهد الاقتصادي يزداد قتامة".
 

ديون تتصاعد رغم وعود الإصلاح
   أشار النائب إلى أن أرقام الدين العام – سواء المحلي أو الخارجي – تكشف عن تصاعد خطير يعكس فشلًا مستمرًا في إدارة المالية العامة للدولة.

وقال داود إن الدين المحلي ارتفع من 3470.9 مليار جنيه في يونيو 2018 إلى 8727.2 مليار جنيه في يونيو 2024، في حين قفز الدين الخارجي من 844.5 مليار جنيه إلى 3792.4 مليار جنيه خلال نفس الفترة.

وأوضح أن إجمالي الدين العام (محلي وخارجي) بلغ 11.547 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2024، مقارنة بـ 3.974 تريليون جنيه في يونيو 2018، معتبرًا أن هذه القفزة تؤكد غياب استراتيجية حقيقية لضبط الإنفاق وتقليص العجز.
 

فوائد وأقساط تلتهم الموازنة
   وكشف داود أن مشروع الموازنة الجديدة يخصص 2298 مليار جنيه لسداد فوائد الدين فقط، إضافة إلى 2084.6 مليار جنيه لسداد الأقساط، ليصل إجمالي أعباء الدين في عام واحد إلى 4382.6 مليار جنيه، وهو ما يمثل أكثر من نصف الإنفاق العام.

وقال النائب: "هذه الأرقام كفيلة بتجريد الموازنة من أي قدرة على تحقيق التنمية أو تحسين الخدمات، فالحكومة باتت تعمل لخدمة الدين فقط، لا لخدمة المواطنين".
 

صفقات لا تترجم إلى نتائج
   وانتقد داود استمرار الحكومة في الإعلان عن "صفقات واستثمارات ضخمة" دون أن تترجم فعليًا إلى نتائج ملموسة في الاقتصاد الحقيقي، سواء على مستوى الصناعة أو التشغيل أو تحسين معيشة المواطنين.

وأضاف: "نعيش في فقاعة من البيانات الإعلامية، بينما الواقع على الأرض لا يشهد أي تقدم. المواطن لا يشعر بأي مردود حقيقي من كل ما يُقال عن نجاحات".
 

ختام تشريعي بموقف معارض
   ووصف داود هذه الموازنة بأنها "آخر موازنة يشرفه رفضها" في ظل حكومتي مصطفى مدبولي، حيث يوشك الفصل التشريعي الثاني على الانتهاء، مؤكدًا أن موقفه ينبع من "قناعة تامة بأن السياسات المالية الحالية تقود البلاد إلى مزيد من الأزمات، لا الخروج منها".
 

سياق أوسع.. أزمة ثقة بالسياسة الاقتصادية
   وتأتي تصريحات داود في وقت تتزايد فيه الانتقادات الشعبية والخبراء تجاه أداء الحكومة الاقتصادي، وسط تفاقم التضخم، وتراجع قيمة الجنيه، وازدياد الاعتماد على الاقتراض الخارجي، في مقابل غياب رؤية واضحة لتحفيز الإنتاج أو تحقيق العدالة الاجتماعية.

ويعكس موقف داود تململاً برلمانيًا نادرًا في ظل سيطرة شبه كاملة لمؤيدين عبدالفتاح السيسي على مجلس النواب، مما يسلط الضوء على حجم التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومة، والانقسامات المتصاعدة حول سُبل معالجتها.