يعتزم "جهاز مستقبل مصر" للتنمية المستدامة إنشاء مصنع لإنتاج ألبان الأطفال بتكلفة نحو 500 مليون دولار، في مسعى لخفض واردات البلاد التي تبلغ نحو مليار دولار سنوياً من هذه السلعة الحيوية، رغم عدم وجود البنية التحتية لهذا المشروع الضخم، ما يؤكد الشكوك في أن هذا المشروع سيكون فنكوش جديد يهدر به السيسي أموال المصريين.

المشروع، المقرر بدء تشغيله مطلع 2027، سيُنفذ بالشراكة مع القطاع الخاص، الذي سيتولى الإدارة والتشغيل، وفق تصريحات خالد صلاح المتحدث باسم الجهاز، مشيراً إلى تلقي عروض استثمارية من شركات مصرية وإماراتية لم يتم البت بشأنها بعد.

تأسس "جهاز مستقبل مصر" في 2022 بقرار رئاسي، كجهاز تابع للقوات الجوية ويعمل تحت إشرافها، لكن القرار لم يُنشر في الجريدة الرسمية وقتها.

يُذكر أن عبد الفتاح السيسي كان قد دعا نهاية الشهر الماضي إلى إنشاء مصنع وطني لألبان الأطفال، واصفاً حجم الواردات السنوية بأنه "أمر غير معقول".

ارتفعت قيمة واردات مصر من الألبان ومنتجاتها بنسبة 13.1% إلى 807 ملايين دولار العام الماضي، فيما زادت واردات عبوات الألبان المركزة بنسبة 9.4% خلال نفس العام لتبلغ 225 مليون دولار، وفق بيانات للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

مشروع بلا دراسة جدوى
يحتاج هذا المشروع الذي أمر السيسي بتنفيذه بالأمر المباشر دون دراسة جدوى إلى "استيراد نحو 40 ألف بقرة مُحسنة من دول هولندا، وألمانيا، والبرازيل، لإنتاج نحو مليون لتر سنوياً من الألبان، إلى جانب زراعة 50 ألف فدان بالبرسيم، وتهيئة الظروف المناخية المناسبة لتلك الأبقار" وذلك بحسب الخبراء، الذين أكدوا فشل النظام في التعامل مع صفقات مماثلة قبل ذلك.
سوق واعدة

يأتي المشروع بعد فشل مفاوضات استمرت سنوات بين الحكومة المصرية وشركة أسترالية لإنشاء أكبر مصنع في الشرق الأوسط لألبان الأطفال، بعدما أظهرت دراسة الجدوى عدم وجود قيمة مضافة، حيث كان سيعتمد على استيراد الخامات وتعبئتها محلياً فقط.

لا يوجد في مصر حالياً سوى مصنع واحد لإنتاج ألبان الأطفال تابع لشركة "لاكتو مصر"، التي تعمل بالشراكة مع القوات المسلحة، لكن إنتاجه يُصدر بالكامل إلى شمال أفريقيا، وفقاً لمحيي حافظ، رئيس المجلس التصديري للصناعات الطبية.

من جهته، اعتبر محمد أنور، رئيس الجمعية المصرية لمصدري المكملات الغذائية، أن هناك جدوى لإقامة مصانع لإنتاج ألبان الأطفال في مصر، نظراً للزيادة المطردة في الطلب بسبب ارتفاع عدد المواليد، لكنه لم يذكر أرقاماً واضحة حول حجم الإنتاج المطلوب لسد الاحتياج المحلي ثم التصدير في وقت لاحق، وهل البيئة المصرية مهيئة لتنفيذ مثل هذا المشروع أم سيكون كغيره من المشروعات الفنكوشية التي أهدر السيسي مليارات الدولارات عليها.

ورغم وجود العديد من الحوافز المطلوبة لجذب المستثمرين، كالحوافز الضريبية والتسهيلات في الإجراءات الحكومية، مع وجود دعم مالي من خلال قروض ميسرة، وتوفير الأراضي والبنية التحتية اللازمة لإقامة المشاريع، يبقى التحدي الأكبر هو تنفيذ ذلك على أرض الواقع الذي ثبت فشله مرارا في عدة مشاريع سابقة منها استيراد نفس الأبقار والتي ماتت جميعا بسبب عدم تكيفها مع البيئة المصرية.