ارتفع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 16.5% خلال شهر مايو الماضي، مسجلًا بذلك ثالث زيادة شهرية على التوالي منذ فبراير، وفقًا للبيانات الرسمية الصادرة اليوم عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وتشير الأرقام إلى زيادة واضحة في الضغوط المعيشية التي تواجه المواطنين، وسط صعود متواصل لأسعار السلع الغذائية الأساسية.

وتجاوز معدل التضخم المسجل في مايو نظيره في أبريل بنحو 3%، حيث كان الأخير قد بلغ 13.5%. ويعكس هذا التصاعد السريع في الأسعار أثر الارتفاعات المتتالية في أسعار الوقود، والتقلبات المناخية، والاضطرابات في سلاسل الإمداد، إلى جانب تراجع القوة الشرائية للمواطنين.

صدمة الغذاء تقود التضخم
أوضحت بيانات جهاز الإحصاء أن مجموعة الفاكهة كانت الأكثر مساهمة في ارتفاع معدل التضخم، بعدما سجلت أسعارها زيادة بنسبة 13.4% خلال شهر واحد فقط.

وأكد تاجران في سوق العبور أن أسعار الفاكهة ارتفعت بما يقرب من 30% مقارنة بما كانت عليه في مايو من العام الماضي، مرجعين ذلك إلى تغيرات مناخية أثّرت على الإنتاج، فضلًا عن الزيادة المستمرة في أسعار الوقود، والتي رفعت تكاليف النقل والتخزين.

كما سجلت مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية ارتفاعًا بنسبة 2.4%، فيما ارتفعت أسعار الخضراوات بنسبة 2.1%، ما يشير إلى موجة غلاء تضرب مختلف مكونات السلة الغذائية اليومية للمستهلك.

4 زيادات في الوقود خلال عام
ويلعب ارتفاع أسعار الوقود دورًا رئيسيًا في تغذية موجة التضخم الحالية. فقد شهد العام الماضي ثلاث زيادات متتالية في أسعار المحروقات، أعقبها رفع جديد في أبريل الماضي – هو الأول خلال العام الحالي – في إطار التزامات الحكومة المصرية لصندوق النقد الدولي بشأن تخفيض فاتورة الدعم.

وتؤدي تلك الزيادات إلى رفع تكاليف النقل والإنتاج، مما ينعكس مباشرة على أسعار السلع في الأسواق، لاسيما الأغذية الطازجة، التي ترتبط بتكاليف يومية في التخزين والتوزيع.

تضخم شهري مرتفع وضغوط نقدية
وبحسب جهاز الإحصاء، سجل معدل التضخم الشهري في مايو 1.8%، ما يعكس استمرار ارتفاع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين مقارنة بالشهر السابق.

ويضع هذا التصاعد المتوالي في الأسعار البنك المركزي أمام تحدٍ جديد، إذ يهدد استقراره النقدي ويثير تساؤلات بشأن توجهات السياسة النقدية المقبلة. وكان البنك قد خفّض أسعار الفائدة في شهري أبريل ومايو الماضيين بإجمالي 3.25%، في محاولة لتحفيز الاستثمار والنمو، بعد دورة تشديد نقدي طويلة للحد من التضخم.

لكن استمرار ارتفاع الأسعار قد يدفع المركزي لإعادة النظر في وتيرة التيسير النقدي، أو على الأقل تعليق الخفض مؤقتًا، بحسب مراقبين.

مخاوف من اتساع الفجوة المعيشية
وتنذر البيانات الجديدة بزيادة الضغوط على الأسر التي تعاني بالفعل من ارتفاع تكاليف المعيشة وتآكل القدرة الشرائية. ويخشى اقتصاديون من اتساع فجوة الفقر وركود الطلب الاستهلاكي في حال استمرار هذا الاتجاه التصاعدي للتضخم، لا سيما مع موسم عيد الأضحى وزيادة الإنفاق الاستهلاكي المتوقع.