كشفت بيانات حكومية عن واقع صادم يتعلق بانتشار عادة التدخين بين المواطنين، ما يعكس خطورة الوضع الصحي والاجتماعي والاقتصادي المرتبط بهذه الظاهرة.

فقد أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن نسبة المدخنين في الفئة العمرية 15 عامًا فأكثر تبلغ 14.2% من إجمالي السكان، أي ما يعادل نحو 10.3 ملايين شخص. وهي نسبة كبيرة تتطلب دق ناقوس الخطر، لا سيما أن هذه الأعداد لا تشمل من يدخنون بشكل غير منتظم أو من هم دون السن القانونية.

وتتوزع نسب التدخين بشكل متفاوت بين الفئات العمرية، حيث تبلغ أعلى نسبة بين من تتراوح أعمارهم بين 35 و44 عامًا (19.2%)، تليها الفئة من 45 إلى 54 عامًا بنسبة 18.5%، ثم الفئة من 25 إلى 34 عامًا بنسبة 17%، ما يعني أن التدخين يتركز في سن العمل والعطاء، مما يفاقم الآثار الاقتصادية والاجتماعية.

 

تهديد مزدوج: صحي واقتصادي

وقال الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، أن الأمراض المرتبطة بالتدخين، مثل السرطان وأمراض القلب والرئة، تستهلك جزءًا كبيرًا من مخصصات الصحة العامة، مما يضغط على موارد الدولة ويؤثر على جودة حياة الأسرة المصرية، في ظل ارتفاع تكاليف العلاج وندرة الموارد الصحية.

وفي السياق ذاته، أكدت الدكتورة فاطمة العوا، المستشارة الإقليمية لمبادرة التحرر من التبغ في منظمة الصحة العالمية، أن منتجات التبغ ليست مجرد عادة سيئة، بل "جائحة مصنوعة" بفعل شركات التبغ التي تتعمد استهداف الصغار بمنتجات ذات نكهات جذابة وتغليف جذاب، مما يفسر ارتفاع نسبة المدخنين الأطفال إلى 37 مليون طفل حول العالم، بحسب تقديرات المنظمة.

 

الأسرة تدفع الثمن

من جانبه، شدد الدكتور عبد المنعم السيد، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، على أن التدخين لم يعد مسألة شخصية، بل هو نزيف مالي جماعي يستنزف ميزانيات الأسر المصرية، حيث قد يصل إنفاق الفرد المدخن إلى 20 ألف جنيه سنويًا، وهو مبلغ يمكن أن يُوجه لتعليم أو علاج أو غذاء.

وأشار السيد إلى أن التدخين يتسبب أيضًا في ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، وتراجع الإنتاجية، وزيادة خطر الحرائق، والضغوط البيئية، مؤكدًا أن المدخنين قد يواجهون صعوبات في سوق العمل أو يُجبرون على التقاعد المبكر لأسباب صحية، ما يُفاقم من معدلات الفقر والبطالة.