تفاصيل خطة إقامة منطقة صناعية أمريكية في قناة السويس
الاثنين 2 يونيو 2025 12:30 م
في ظل تصاعد المنافسة الاقتصادية بين واشنطن وبكين على النفوذ في الشرق الأوسط وأفريقيا، تشهد مصر تحركات مكثفة لتعزيز حضورها الاستثماري الأمريكي على خلفية توسع صيني كبير في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ما يشكل نقطة تقاطع حيوية للطموحات الاقتصادية والسياسية لكل من القوتين العظميين.
صعود الاستثمار الصيني يثير القلق الأمريكي
شهدت الأشهر الأخيرة تضاعفًا واضحًا في حجم الاستثمارات الصينية داخل مصر، خاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس التي أصبحت مركزًا استراتيجيًا للمشروعات الصناعية والتجارية الكبرى.
ووفقًا لإحصائيات رسمية، تمثل الاستثمارات الصينية ما يقرب من نصف إجمالي الاستثمارات الأجنبية في المنطقة، ويتركز اهتمامها على قطاعات الأقمشة، الإلكترونيات، الطاقة المتجددة، والبتروكيماويات، مع تدفق استثمارات تجاوزت 6 مليارات دولار خلال العامين الماضيين.
هذا التوسع دفع الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب إلى اتخاذ خطوات لتعزيز حضورها الاقتصادي، معتبرة أن مصر بوابتها الأساسية للتأثير في الشرق الأوسط وأفريقيا، ومن ثم لا يمكن السماح للصين بالهيمنة في منطقة حيوية مثل قناة السويس.
المنتدى الاقتصادي المصري الأمريكي.. منصة لإعادة التشبيك
انعقد المنتدى الاقتصادي المصري الأمريكي مؤخرًا وسط زخم متزايد، بحضور وفد يضم 78 من كبار رجال الأعمال الأمريكيين برئاسة سوزان كلارك، رئيسة غرفة التجارة الأمريكية. تناول المنتدى فرص الاستثمار المتعددة في مصر، وخصوصًا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث تم التركيز على قطاعات الطاقة المتجددة، التصنيع، التكنولوجيا، والخدمات اللوجستية.
عبد الفتاح السيسي أكد خلال استقبال الوفد استعداد بلاده لتقديم كافة التسهيلات اللازمة للشركات الأمريكية، مشددًا على تطلع مصر لأن تصبح مركزًا صناعيًا أمريكيًا في المنطقة.
مصدر حكومي مصري كشف أن هناك خطوات جادة لتأسيس منطقة صناعية أمريكية في قناة السويس، تتكامل مع الاستثمارات الصينية لتشكيل توازن استثماري، مع تحديد موقع الاستثمار وحجمه في مراحل لاحقة.
توازن استثماري يعكس الأبعاد الجيوسياسية
يرى مراقبون أن تعزيز الوجود الأمريكي في قناة السويس يحمل أبعادًا استراتيجية عميقة، فبالإضافة إلى المنافسة الاقتصادية، تلعب واشنطن دورًا عسكريًا متصاعدًا في البحر الأحمر بهدف فرض توازن عسكري يحد من طموحات الصين في طريق الحرير البحري.
المصادر تشير إلى أن الولايات المتحدة تسعى لتأمين خطوط الإمداد البحري، وتأمين تدفق الطاقة، بالإضافة إلى تقوية علاقاتها مع مصر كحليف أساسي في المنطقة، رغم التوترات السياسية بين البلدين في بعض الملفات.
مصر بين مطرقة التنافس الصيني الأمريكي وسندان حاجتها للاستثمار
على الرغم من استمرار التوترات السياسية التي أثرت على حجم التعاون الاقتصادي بين القاهرة وواشنطن، إلا أن الاقتصاد بحاجة ماسة لتدفقات استثمارية جديدة لتخفيف أعباء الديون الخارجية التي تجاوزت 150 مليار دولار، مما يجعل من استقطاب استثمارات أمريكية متجددة ضرورة.
وتُظهر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نموًا ملحوظًا في التجارة بين مصر والولايات المتحدة بنسبة 84.8% خلال ديسمبر 2024، إلا أن الصين لا تزال تتصدر قائمة أكبر الدول المصدرة لمصر، بحصة تقارب 20% من إجمالي واردات مصر غير النفطية.
مستقبل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.. ساحة تنافس استراتيجية
تعد المنطقة الاقتصادية لقناة السويس نقطة التقاء استراتيجية بين البحرين الأحمر والمتوسط، وتمثل محورًا حيويًا لتجارة الطاقة، والصناعات الثقيلة، وسلاسل الإمداد العالمية. وتعتبر كذلك بوابةً رئيسيةً للملاحة العالمية عبر مضيق باب المندب، ما يجعلها ساحة تنافس مستقبليًا بين القوى الاقتصادية الكبرى.
وفقًا لخبراء الاقتصاد السياسي، فإن استمرار التوترات العسكرية والسياسية في المنطقة قد يعوق هذا التنافس، لكن بمجرد استقرار الأوضاع، ستتجه الدول الكبرى لتعزيز استثماراتها، وسط توقعات بضخ الولايات المتحدة استثمارات بقيمة 18 مليار دولار في المنطقة خلال العامين المقبلين.
مصادر رسمية تؤكد أن حكومة السيسي تستهدف تعزيز الربط بين الموانئ في البحر الأحمر والمتوسط، لتسهيل وصول المنتجات الأمريكية إلى الأسواق العالمية، إضافة إلى توسيع قاعدة الاستثمارات في الصناعات الدوائية ومراكز البيانات، ما يعزز مكانة مصر كقوة اقتصادية إقليمية.