أعلنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" موافقتها على مقترح قدّمه المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، لوقف دائم لإطلاق النار، يتضمن انسحابًا كاملاً لقوات الاحتلال وتبادلًا للأسرى، في خطوة قالت إنها جاءت بعد "جهود مكثفة ومسؤولية وطنية".

وأكدت الحركة، في بيان رسمي، توصلها مع ويتكوف إلى اتفاق على "إطار عام" يتضمن وقفًا دائمًا للعدوان الإسرائيلي على القطاع، وانسحابًا كاملًا، وبدء تدفق المساعدات، إلى جانب تشكيل لجنة مهنية لإدارة شؤون غزة فور الإعلان عن الاتفاق. وأشارت إلى أن الاتفاق يتضمّن الإفراج عن عشرة أسرى إسرائيليين وجثث عدد من القتلى، مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين.

غير أن الرد النهائي على هذا الإطار لا يزال قيد الانتظار، وسط مؤشرات على عراقيل من الجانب الإسرائيلي، تحديدًا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يرفض - بحسب قيادي في الحركة تحدث التوصل إلى اتفاق دائم، ويسعى لفرض "هدنة مؤقتة" فقط، بغرض استكمال خططه المعلنة بتهجير السكان والقضاء على المقاومة.
 

حماس: مرونة ومسؤولية.. ونتنياهو يماطل
   بحسب المصادر القيادية، فإن حماس أبدت خلال جولات التفاوض السابقة "مرونة عالية"، ووافقت على مقترح ويتكوف المعدّل، الذي صيغ بطريقة "غامضة" بشأن إنهاء الحرب، لتفادي الاعتراضات من الجانبين.

وقد شمل الاتفاق بنودًا واضحة: وقف فوري للهجمات، إطلاق سراح الأسرى على مراحل، وإدخال مساعدات إنسانية عاجلة، يليها تسليم تقارير طبية مفصلة عن وضع الأسرى الإسرائيليين.

وأوضح المصدر أن المقترح يشمل الإفراج عن 125 أسيرًا فلسطينيًا محكومين بالمؤبد، و1111 معتقلًا من قطاع غزة بعد 7 أكتوبر 2023، إلى جانب تسليم جثامين 180 فلسطينيًا استشهدوا خلال العدوان، مقابل عشرة أسرى صهاينة و18 جثة.

إلا أن التقدّم يصطدم بموقف نتنياهو، الذي وُصف بأنه "غير معني باتفاق دائم"، ويستخدم "أسلوب المماطلة والتسويف"، متذرعًا بتهديدات اليمين المتطرف وضغوط الإدارة الأمريكية.

ووفق القيادي الحمساوي، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي "يريد اتفاقًا مؤقتًا فقط"، ليستكمل بعدها ما أسماه "مشروع التهجير والقضاء على المقاومة"، وهو ما ترفضه الحركة بشكل قاطع.
 

تناقض الخطابات ورسائل مزدوجة
   تشير حماس إلى أن نتنياهو يعتمد خطابًا مزدوجًا؛ فيظهر أمام المجتمع الدولي على أنه "منفتح على التفاوض"، بينما يرسل تطمينات لليمين الإسرائيلي بأن الحرب ستستمر "حتى تحقيق النصر الكامل".
وقال المصدر: "يحاول إقناع أوروبا بأنه مرن، لكنه في الواقع يعرقل الاتفاق لأنه يدرك أن وقف الحرب يعني محاكمته وربما سجنه".

وأضاف: "هو لا يملك الإرادة السياسية لإنهاء العدوان، بل يسعى لتأجيل الاتفاق كي يحمل المقاومة المسؤولية، ويكسب مزيدًا من الوقت على الساحة الداخلية".

وفي إشارة إلى حسن نوايا حماس، أكد المصدر أن إطلاق سراح الأسير الإسرائيلي-الأمريكي عيدان ألكسندر، يمثل دليلًا على جدية الحركة واستعدادها للالتزام بأي اتفاق.
لكنه حذر في المقابل من أن "تطبيق الاتفاق سيكون أكثر تعقيدًا من التوصل إليه، خاصة في ظل استمرار الغارات وسقوط الضحايا".
 

ترامب يدخل على الخط
   يأتي هذا التحرك في ظل ما يبدو أنه إحياء لدور أمريكي مباشر في الملف، مع دخول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على خط الوساطة، عبر مبعوثه الشخصي ويتكوف، الذي بقي في الدوحة لأكثر من عشرة أيام للتنسيق مع حماس ومصر وقطر.

وترامب يعتزم الإعلان شخصيًا عن الاتفاق في حال إقراره، على أن تضمن الولايات المتحدة ومصر وقطر تطبيق وقف إطلاق النار المؤقت، تمهيدًا لما تصفه واشنطن بـ"حل طويل الأمد".

وكان ويتكوف قد ظهر إلى جانب ترامب في البيت الأبيض، معلنًا: "لدينا شعور قوي أننا سننجح في التوصل إلى وقف نار مؤقت وحل دائم". لكن حتى الآن، لا تزال ملامح الحل الكامل غامضة، والكرة في ملعب الاحتلال الإسرائيلي، وتحديدًا في يد نتنياهو الذي لا يزال يراوغ.