رصدت الأقمار الصناعية حركة غير مسبوقة على الحدود المصرية، تحديداً في محور فيلادلفيا، حيث دخلت أعداد كبيرة من الدبابات المصرية والعتاد العسكري الثقيل لأول مرة بذلك الشكل منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد. هذا التحرك بناء على ما وصفته التقارير يثير القلق ويبدو غير مألوف، مما يعكس استعدادًا عسكريًا غير عادي.
وفي السياق نفسه، تم إجراء تطويرات كبيرة على عدة مطارات وموانئ في سيناء، شملت توسيع ممرات الإقلاع والهبوط في المطارات، بالإضافة إلى تحسين الأرصفة في الموانئ.
وقال المعهد المصري للدراسات في تحليل منشور إن التعديلات تشير إلى استعدادات واسعة النطاق، وكأن الحرب على وشك أن تندلع، مع نقل الأسلحة والعتاد إلى مناطق القتال.
تقدير موقف
وضمن تقدير موقف لـ"المعهد" أشار إلى أن جيش الاحتلال مازال يتخذ "من مزاعم بوجود أنفاق أسفل محور صلاح الدين “فيلادلفيا” على الحدود المصرية الفلسطينية، ذريعة لاستمرار احتلال المنطقة منذ مايو2024. ".
وأن طبيعة الانفاق وفق "هيئة البث" الصهيونية "أنفاق تجتاز الحدود أغلقت من الناحية الهندسية وتقع تحت سيطرة الجيش، بعد أن تم إغلاق معظم الأنفاق، فيما ظل بعضها تحت السيطرة لإجراء أبحاث استخبارية وهندسية".
وبحسب اسرائيل كاتس وزير الدفاع "حركة حماس تعمل في عدة محاور من أجل تلقي مساعدات عسكرية إيرانية، ولهذا تعد محاور تهريب من أفريقيا وتنوي إعادة بناء قوات في قطاع غزة من أجل تنفيذ عمليات”. وتحت هذه الذريعة يصر كاتس على عدم الانسحاب من محور فيلادلفيا لمنع حركة حماس من إعادة بناء قواتها".
ووفق تقارير، "رفضت مصر مؤخراً طلباً أمريكياً استناداً إلى شكاو ى قدمها الجانب "الإسرائيلي"، يطالب بتفكيك التجهيزات العسكرية على الحدود، معتبراً أنها تمثل خرقاً لاتفاقيات السلام بين الطرفين. وكان الرد المصري واضحاً، مؤكداً أن هذه التحركات تأتي في إطار تأمين حدودها وحماية أمنها القومي، وأنها ستواصل اتخاذ ما تراه مناسباً في الأيام القادمة. كما كشفت بعض التقارير نشر منظومة الدفاع الجوي “أنتاي 2500” (S-300VM).
مجلة Israel Defense العسكرية الصهيونية، قالت إن الجيش يحدث قواته الجوية والبحرية، وأن مصر بصدد الحصول على طائرات مقاتلة فرنسية متطورة من شأنها تغيير موازين القوى في المنطقة.
موقع “nziv” الصهيوني قال إن أعداداً كبيرة من الدبابات والمعدات العسكرية الثقيلة دخلت المنطقة للمرة الاولى منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد، في خطوة وصفها الموقع بأنها استثنائية وتعكس استعدادات عسكرية واسعة. ومن بين المعدات التي تم رصدها، صواريخ من طراز “9A84″ و”9A83” التي تُعد جزءاً من منظومة الدفاع الجوي “إس-300” او “أنتاي-2500”.
ونشرت إدارة الشؤون المعنوية بالجيش المصري فيديو بعنوان: "قوات الدفاع الجوي.. لهيب السماء"، كُشف من خلاله عن نظام محلي جديد لمواجهة الطائرات المسيّرة، يعتمد على تكنولوجيا النبضات الكهرومغناطيسية عالية الكثافة.
وفي 15 إبريل 2025 قال جيش الاحتلال إنه أسقط طائرة مسيّرة، حاولت تهريب أسلحة من الأراضي المصرية إلى داخل إسرائيل، في منطقة عمل لواء فاران. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن بيان الجيش أنه عُثر على الطائرة وأربعة أسلحة وذخيرة في الموقع، مشيراً إلى تسليم الأسلحة المُصادرة إلى الشرطة الإسرائيلية لإجراء التحريات اللازمة.
محور موراج
وزعم بنيامين نتنياهو، إحكام سيطرة الجيش على محور “موراج” في جنوب قطاع غزة، بعد ساعات من إعلان جيشه بدء عملية عدوانية واسعة في مدينة “رفح” جنوب قطاع غزة. ووصف نتنياهو، في كلمة مصورة نشرها على منصاته الرسمية، المحور الجديد بـ “فيلادلفيا2″، في إشارة للمحور الفاصل بين قطاع غزة ومصر.
ومحور “موراج” أحد الممرات الحيوية في جنوب قطاع غزة، ويمتد من البحر غرباً حتى شارع صلاح الدين شرقاً، وصولاً إلى آخر نقطة على الحدود الفاصلة بين غزة ودولة الاحتلال، وتحديداً عند معبر “صوفا”. يبلغ طول المحور 12 كيلومتراً، وهويفصل محافظة “رفح” عن باقي محافظات القطاع. وقد تم إنشاء هذا المحور الوهمي خلال احتلال الجيش للقطاع في عام 1967، قبل انسحابه منه في عام 2005، تنفيذاً لخطة الانسحاب الأحادي الجانب في عهد رئيس حكومة الاحتلال الأسبق، أرئيل شارون.
و“موراج” إحدى المستوطنات الواقعة في جنوب القطاع، ضمن تجمع مستوطنات “غوش قطيف”، التي تم تأسيسها والإعلان عنها لاول مرة في مايو 1972. كانت الغاية من إنشائها بناء نقطة عسكرية ثابتة لمراقبة تحركات الفلسطينيين، لكنها تحولت بعد عشر سنوات، أي في عام 1982، إلى تعاونية زراعية تضم مئات الدفيئات الزراعية.
والمحور نقطة ارتكاز استراتيجية بسبب موقعه الجغرافي؛ فالمحور الجديد من شأنه اقتطاع مساحة 74 كيلومتراً مربعاً من مساحة قطاع غزة، أي ما يعادل 20 بالمئة من إجمالي مساحة القطاع البالغة 360 كيلومتراً مربعاً.
وبحسب المعهد المصري "تنبع أهمية المحور من كونه أحد أهم شرايين الحياة لنقل الأفراد والبضائع بين جنوب القطاع وشماله، حيث تضم مدينة رفح وحدها اثنين من أهم ثلاثة معابر تعمل في القطاع، وهما معبر كرم أبوسالم المخصص لنقل البضائع والمساعدات من دولة الاحتلال للقطاع، إضافة إلى معبر رفح الفاصل بين القطاع ومصر، الذي يخصص لنقل الأفراد والبضائع من وإلى القطاع.".
ولفت إلى أن محور موراج هو في الواقع عبارة عن تقطيع او صال جنوب قطاع غزة، بين خان يونس ورفح. ويطلق نتنياهوعلى هذه المنطقة اسم “فيلادلفيا 2″، مقارنة بمحور فيلادلفيا الأصلي الذي يمتد إلى الغرب منه”. مستمدا رأيه من تصريح لوزير الحرب الصهيوني كاتس.
تحليل الوضع على الجانب المصري
وضمن قراءة تحليلية للمعهد وباحثه في الشأن العسكري قال إنه أمام الإصرار الإسرائيلي اتخذ الجيش المصري ".. خطوات لمنع ذلك المخطط، وعلى هذا قام الجيش المصري بنشر دبابات وقوات مدفعية بشكل مكثف خلال المدّة الأخيرة في محافظة شمال سيناء في مناطق (ب، ج) التي وفقاً لاتفاقية كامب ديفيد كان الجيش المصري له فيها انتشار بشكل محدد، ولكن الجيش المصري لا يتحرك في تلك المناطق الآن وفقاً للاتفاقية رداً على اختراق الجانب الإسرائيلي للاتفاقية بالسيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح وقام الجيش المصري بنشر منظومات أس-300 الروسية لتغطية قواته على الأرض".
ورأى أن "إصرار الجانب "الإسرائيلي" على استخدام المنطق العسكري لتنفيذ مخطط التهجير الذي على ما يبدوا يرفضه الجانب المصري فإن تلك الحرب قد تتسع بشكل أكبر عمّا مضى، فالضغط على أهالي قطاع غزة المنهكون بالقصف الجوي والمدفعي، فضلاً عن الحصار والتجويع وغياب البنية الأساسية، قد يدفعهم للنزوح الفعلي إلى الأراضي المصرية، وحينها قد يرى الجيش المصري انه أمام أمرين:
أ-مواجهة حتمية مع "إسرائيل" فرضت عليه لمنع مخطط تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأراضي المصرية، وقد يستطيع الجيش المصري من طريق تلك المواجهة منع مخطط التهجير في نهاية الأمر، او يستطيع الجيش الإسرائيلي تنفيذ مخطط التهجير وقد يصل الأمر إلى سيطرته على سيناء عسكرياً.
ب: القبول بالأمر الواقع واستقبال الفلسطينيين لحمايتهم من النيران، والرضوخ بالتالي للمخطط الأمريكي والإسرائيلي.
المخطط الثاني احتلال غزة: يبدوا أن الإسرائيلي بناء على الموقف المصري-العربي (المعلن) ورفض مخططات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية يعمل بالتوازي لتحقيق مخطط بديل إذا أخفق تحقيق مخططه الرئيس (التهجير)، وعلى ذلك نرى أن الإسرائيلي يقوم بخطوات تشير إلى أنه يمهد الأرض لكي يعود ويحتل غزة من جديد مدة من الوقت، لذلك يُجزأ قطاع غزة وفق محاو ر جديدة كمحور ميراج وبعض المسارات الأخرى ويقوم بنسف العمران في رفح الفلسطينية، كما يقوم في الشمال والوسط بممارسات شبيهة، وكل ذلك ربما يأتي في سياق الخطوات الموازية التي يقوم الإسرائيلي باتخاذها خلال الفترة الحالية في مسار خطته البديلة التي سيسعى لتنفيذها إذا أخفق في تحقيق المخطط الاول (التهجير).
الرؤية الشعبية تطغى
وبقراءة التعاطي "الإسرائيلي" مع تحركات مصر في سيناء اشارت إلى أن "إسرائيل" (حكومة ومعارضة وإعلام) تُفرق في نظرتها لمصر بين مستويين:
الاول، الجيش المصري والشعب المصري: إسرائيل بكافة مستوياتها تنظر إلى الجيش المصري كمؤسسة نَظْرَة عداء وترى أن قوة الجيش المصري تهديد حقيقي للكيان. كما ترى أن الشعب المصري هوالأكثر عداو ة لـ"إسرائيل".
الثاني، السيسي: “فإسرائيل” نظرتها للسيسي إيجابية، وترى إسرائيل بمختلف قطاعتها أن استمرار السيسي في الحكم مصلحة لأمنها من حدودها الجنوبية، وتدعوالجهات المختلفة للاستمرار في دعمه حتى يظل في منصبه ويتجاو ز أزماته، لأن برحيله ستتغير سياسات الحكم في مصر وقد توجَّه قوة الجيش المصري إلى إسرائيل بشكل حقيقي.
على جانب أخر فإسرائيل انطلاقاً من قراءة ممارساتها على مدار التاريخ فإنها تخلق المبررات والذرائع، وإعلان إسرائيل المتكرر عن إسقاط طائرات مسيرة كانت تنقل سلاح من الجانب المصري إلى الأراضي المحتلة أمراً قد يكون خلفه خُطة تعد مسبقاً من الجانب الإسرائيلي، فإسرائيل تريد بالأساس من تلك الأخبار تسليط الضوء على أن أمنها يُهدد باستمرار من الجانب المصري وان الأمن في المناطق الحدودية وفي محافظة شمال سيناء به خروقات مستمرة تهدد أمن إسرائيل، وبالتالي، ففي ظروف معينة لا يستبعد أن تختلق إسرائيل المعاذير للقيام بعملية عسكرية داخل مصر، وصولاً إلى استعادة احتلال سيناء او أجزاء منها على الأقل.
نزع سلاح المقاومة
وأمام المقترح المصري بنزع سلاح المقاومة، قال المعهد إن "نزع سلاح المقاومة يعني الاستسلام وتمكين الجانب الإسرائيلي بالمطلق من الأرض الفلسطينية العربية وإذا استطاع الإسرائيلي تحقيق ذلك الهدف سيمضي قُدماً لتنفيذ أهداف أخرى طبقاً لمخططاته التوسُعية في المنطقة وفي دول جوار فلسطين، المقاومة الفلسطينية هي من توقف مخططات الإسرائيلي التوسُعية".
وأشار إلى أن "الرؤية الإستراتيجية تشير إلى أن خط الدفاع الاول عن مصر يقع في غزة ولكانت تلك الرؤية مترسخة فيمَا مضى لدى بعض القيادات داخل مؤسسات الدولة المصرية، والأردن خط دفاعه الاول في الضفة، وإذا كانت تلك الأنظمة تعمل لمصلحة أمنها القومي لكانت دعمت المقاومة الفلسطينية وتسعى لعدم نزع سلاح المقاومة وليس العكس. من يدعون لنزع سلاح المقاومة الفلسطينية لا يعون محددات الأمن القومي المصري، او قاصدين ويعوا تماماً ما يفعلونه وما سترتب عليه تلك الخطوات التي يسعى الإسرائيلي لتحقيقها".