بدأت وزارة الإسكان والمرافق، ممثلة في صندوق تمويل الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، طرح أكثر من 15 ألف وحدة سكنية مخصصة لمتوسطي الدخل، في 12 مدينة جديدة وعدة مناطق ضمن خمس محافظات، وسط زيادات حادة في أسعار المتر وصلت في بعض المناطق إلى 100% مقارنة بالطروحات السابقة.
ارتفاعات غير مسبوقة في سعر المتر
سجل سعر المتر في بعض المدن الجديدة ضمن الطرح الأخير ارتفاعات قياسية، تراوحت بين 60% و100% مقارنة بقرعات سابقة.
ففي مدينة بدر، على سبيل المثال، قفز سعر المتر من نحو 7 آلاف جنيه في طرح “مسكن” قبل 6 أشهر إلى 11,500 جنيه حاليًا، أي بزيادة تقارب 64%.
أما مدينة 15 مايو، والتي لم تطرح فيها الوزارة شققًا لمتوسطي الدخل منذ مشروع "دار مصر" عام 2022، فقد شهدت تضاعف سعر المتر من 5,555 جنيهًا إلى 11,100 جنيه في الطرح الجديد، أي بنسبة زيادة 100%.
أسعار الوحدات: من 500 ألف إلى 1.89 مليون جنيه
تتراوح مساحات الشقق الجديدة بين 90 و127 مترًا، وتبدأ أسعارها من 500 ألف جنيه للوحدات الأصغر في جمصة بمحافظة الدقهلية، وتصل إلى 1.89 مليون جنيه للوحدات الأكبر مساحة في مدينة العلمين الجديدة، بخلاف الرسوم الإدارية ونسب التميز ورسوم مجلس الأمناء.
ورغم هذه الزيادات، تقول وزارة الإسكان إن الأسعار ما تزال أقل من السعر التجاري في السوق، خاصة في المدن التي تشهد طلبًا مرتفعًا مثل بدر و15 مايو، وهما مدينتان تحظيان بموقع استراتيجي قريب من قلب العاصمة ومن العاصمة الإدارية الجديدة على التوالي.
الوحدات لا تزال "على الورق"
مصدر مسؤول بصندوق تمويل الإسكان الاجتماعي، فضّل عدم نشر اسمه، أرجع هذه الزيادات الكبيرة في الأسعار إلى ارتفاع حاد في تكلفة التنفيذ خلال الفترة الماضية، مؤكدًا أن معظم الوحدات المطروحة في الطرح الحالي لا تزال في مرحلة التخطيط ولم يبدأ تنفيذها بعد، وأن فترة التنفيذ قد تمتد من 18 إلى 36 شهرًا.
وأوضح المصدر أن الدولة لا تدعم فقط من خلال خفض سعر الوحدة، بل من خلال توفير قروض عقارية بفوائد منخفضة تمتد حتى 20 عامًا، ما يخفف من عبء التمويل على المتقدمين.
المفارقة: أسعار أقل من إسكان محدودي الدخل أحيانًا
ورغم الأسعار المرتفعة في مدن مثل بدر والعلمين، فإن بعض المناطق الأخرى شهدت أسعارًا متواضعة نسبيًا.
ففي جمصة بمحافظة الدقهلية، تتراوح أسعار الوحدات من 500 إلى 550 ألف جنيه، وهو ما وصفه المصدر بأنه "أقل من سعر وحدات إسكان محدودي الدخل في الطروحات الأخيرة ببعض المدن".
تساؤلات حول فاعلية الدعم
مع ذلك، تثير هذه الزيادات الحادة في أسعار المتر تساؤلات حول فاعلية الدعم المقدم من الدولة لمتوسطي الدخل، في ظل اتساع الفجوة بين القدرة الشرائية للمواطنين والأسعار المعلنة.
فمعظم وحدات الطرح الأخير تتجاوز قيمتها المليون جنيه، وهو رقم كبير بالنسبة لمتوسط دخول الطبقة المستهدفة، حتى في ظل تسهيلات التمويل العقاري.
ويأتي هذا الطرح في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اقتصادية حادة، وانخفاضًا في القوة الشرائية، وارتفاعًا في تكلفة المعيشة، ما قد يعيد النقاش حول مدى واقعية تصنيف هذه الوحدات ضمن فئة "الإسكان المتوسط"، ومدى قدرة الفئات المستهدفة فعلًا على الاستفادة منها.