استغاث 6 من عمال شركة "الشرقية للدخان" بينهم نقابي سابق، بعبد الفتاح السيسي، بعدما فصلتهم إدارة الشركة تعسفيًا، حسب روايتهم، عقب رفضهم صفقة لبيع حصص العاملين في الأسهم لمشتري مجهول.

العمال المفصولون يتهمون الإدارة بالتنكيل بهم بعد اعتراضهم العلني على ما وصفوه بـ"صفقة غامضة"، عرضتها شركة "هيرميس" بالنيابة عن مستثمر غير معلن، وسط ما يعتبرونه محاولات لإجبارهم على التخلي عن حصصهم، في حين تنفي الشركة أي علاقة بين الفصل ورفض البيع.
 

قرار بالفصل بعد 25 عامًا من العمل
   يقول مصطفى خلف، أحد العمال المفصولين والنقابي السابق بالشركة، إنهم فوجئوا باتصال هاتفي يوم 28 أبريل يُبلغهم بوجود قرار بمنعهم من دخول مقر العمل، دون إخطار رسمي.
وأضاف: "ذهبنا في اليوم التالي للعمل كالمعتاد، فوجدنا تشديدات أمنية ومنعونا من الدخول، فحررنا محاضر في مكتب عمل السادس من أكتوبر، لكن الإدارة ردّت بأن علاقة العمل قد انتهت، رغم أننا نعمل منذ أكثر من 25 عامًا".
 

الاعتراض على صفقة غامضة يشعل الأزمة
   بدأت الأزمة، حسب خلف، خلال اجتماع الجمعية العامة غير العادية لاتحاد العاملين المساهمين يوم 21 فبراير الماضي، الذي عُقد داخل النادي الاجتماعي للشركة بشارع خاتم المرسلين.

وأثار الاجتماع حالة من التوتر بسبب عرضٍ لشراء أسهم العاملين قدمته شركة "هيرميس" نيابة عن عميل مجهول، دون كشف هوية المشتري أو تفاصيل العرض. رفض غالبية العمال التصويت على البيع، فانفض الاجتماع دون قرار.

وفي اجتماع لاحق يوم 19 أبريل، عُرضت نسخة محسّنة من الصفقة بزيادة طفيفة في السعر، لكن العمال رفضوها مجددًا، حيث صوّت 1707 بالموافقة مقابل 1614 بالرفض، وهو ما لم يحقق النسبة المطلوبة للموافقة وفق قواعد الشطب الاختياري للأسهم (75%).

ويؤكد خلف أنهم لم يشاركوا في التصويت في الاجتماع الثاني من باب الاحتجاج، ومع ذلك جاءت نتيجة التصويت بالرفض، ما يعكس – برأيه – وجود إرادة جماعية بين العمال لرفض الصفقة دون تأثير من أحد، وينفي بذلك مزاعم الإدارة بتحريضهم للزملاء.
 

مذكرة رقابية ومحاولات للترهيب
   بعد اجتماع فبراير، تقدم المفصولون بمذكرة لمجلس إدارة الاتحاد طلبوا فيها توضيحًا حول العرض. تجاهل المجلس المذكرة، كما تجاهل الاستعجال اللاحق، فرفعوها إلى الهيئة العامة للرقابة المالية. 

حينها تدخل رئيس النقابة ونائب رئيس الاتحاد وطلبا منهم سحب المذكرة مقابل وقف تحقيقات إدارية داخلية تتهمهم بالتحريض، وهو ما وافقوا عليه.
لكن المفاجأة كانت في صدور قرار الفصل رغم سحب الشكوى، بالإضافة لتوقيع جزاءات على 16 عاملًا آخرين.
 

الإدارة ترد: اتُخذت الإجراءات القانونية
   من جانبه، قال هاني أمان، الرئيس التنفيذي للشركة، وممثل شركة جلوبال الإماراتية التي تمتلك 30% من أسهم الشركة، إن فصل العمال الستة تم وفقًا للائحة جزاءات الشركة وبعد تحقيق قانوني.
وأضاف: "لا علاقة بين قرارات الفصل ورفض الجمعية العمومية لصفقة البيع. الإدارة اتبعت الإجراءات القانونية، وكل من يرى أنه صاحب حق فليتوجه للقضاء".

وأوضح أن الشركة سبق وأنهت عقود عمال آخرين في السنوات الماضية بتهم مختلفة، وبعضهم عاد عبر القضاء والبعض الآخر لم يعد، متسائلًا: "لماذا لم يُسلّط الضوء على حالاتهم؟".
 

هل الشركة فوق إرادة المساهمين؟
   يطرح خلف تساؤلات حول العلاقة بين الإدارة واتحاد العاملين المساهمين، قائلًا إن الاتحاد كيان قانوني مستقل، وليس من حق الإدارة التدخل في قراراته أو معاقبة العمال بناءً على مواقفهم داخله.
ويشير إلى أن تصعيد الأمر لرئاسة الجمهورية ووزارتي العمل والاستثمار لم يأتِ إلا بعد استنفاد كافة السبل القانونية والإدارية داخل الشركة.

ويضيف: "هل من المعقول في الوقت الذي يعلن فيه السيسي التصديق على قانون العمل الجديد، أن يتم فصلنا بهذه الطريقة؟ كيف يُفصل عامل بعد 25 سنة خدمة لأنه قال لا؟".
 

"هيرميس" في الواجهة.. دون الإفصاح عن المشتري
   العرض المقدم في اجتماع 21 فبراير كان بقيمة 2018 جنيهًا لـ"الحصة" الواحدة (57 سهمًا)، أي نحو 35 جنيهًا للسهم. في الاجتماع الثاني، ارتفع السعر بـ159 قرشًا فقط.
ورغم الزيادة، ظل الغموض يلف هوية المشتري، ما زاد من شكوك العمال.
 

خريطة المساهمين.. من يملك الشركة؟
توزيع الملكية في "الشرقية للدخان" يعكس توازنات دقيقة بين الدولة، والمستثمرين الأجانب، والعاملين:

  • الدولة (القابضة الكيماوية): 20.95%
  • جلوبال الإماراتية: 30% (أكبر حصة، تم شراؤها عام 2023)
  • صندوق آلان جراي: 7.21%
  • شركة الأريج للاستثمارات: 2.99%
  • اتحاد العاملين المساهمين: 5.20%
  • تداول حر بالبورصة: 41.5%

ويُذكر أن صفقة استحواذ "جلوبال" على 30% من الأسهم العام الماضي كانت محل جدل واسع بسبب توقيتها وحجمها.