رفض اتحاد العاملين المساهمين في شركة الشرقية للدخان، وللمرة الثانية خلال أربعة أشهر، العرض المُقدم من شركة «إي إف جي هيرميس - لترويج وتغطية الاكتتاب» للاستحواذ على كامل حصتهم في الشركة، في موقف وصفه أحد أعضاء مجلس إدارة الاتحاد بأنه «دفاع عن أموال العمال ورفض للتفريط في أصولهم بثمن لا يليق».

وجاء قرار الرفض في الجمعية العمومية التي عقدت أمس، بعدما صوّت 1707 أعضاء بالموافقة، مقابل 1614 بالرفض، من أصل 3321 صوتًا صحيحًا، أي أقل من نسبة 75% المطلوبة لتمرير القرار، وفقًا لتعديلات الهيئة العامة للرقابة المالية على قواعد الشطب الاختياري للأسهم المقيدة بالبورصة.

ويمتلك اتحاد العاملين 156 مليونًا و101 ألف و827 سهمًا، تمثل 5.2% من إجمالي أسهم الشرقية للدخان، وفقًا لبيان الإفصاح الموجّه للبورصة. وتُعد شركة «جلوبال للاستثمار» الإماراتية أكبر المساهمين بنسبة 30%، تليها الشركة القابضة للصناعات الكيماوية بـ20.95%.

 

عرض «هيرميس» لا يُقنع العمال

الصفقة المعروضة من «هيرميس»، نيابة عن أحد عملائها غير المُفصح عنه، عرضت سعرًا قدره 36.59 جنيهًا للسهم، بزيادة قدرها جنيه و59 قرشًا عن عرضها السابق في فبراير الماضي، والذي كان بـ35 جنيهًا فقط. لكن الزيادة لم تكن كافية لإقناع العمال.

«الأسهم دي مش مجرد أوراق، دي تمثل حصة العمال في أصول الشركة، وبيعها بالسعر ده ظلم»، يقول أحد العمال، مشيرًا إلى أن الجمعية العمومية السابقة في ديسمبر كانت قد أقرت ألا يتم النظر في أي عرض يقل عن 60 جنيهًا للسهم، بناءً على تقديرات سعر أصول الشركة المقيدة وغير المقيدة.

عضو في مجلس إدارة الاتحاد، فضّل عدم ذكر اسمه، أوضح أن بيع 30% من أسهم الشركة للإماراتيين في سبتمبر 2023 تم بسعر 29.85 جنيه للسهم، لكن بسعر دولار أقل بكثير من السعر الحالي، ما يعني أن تقييم قيمة السهم الحقيقي يجب أن يكون أعلى بكثير اليوم.

 

مخاوف من غياب الشفافية

الرفض الجماعي لعرض «هيرميس» جاء أيضًا وسط مخاوف من غياب الشفافية. «مين العميل اللي هيشتري؟ وليه ما فيش تقييم محترم لأسهمنا؟»، يتساءل عامل آخر، مشيرًا إلى أن «هيرميس» ليست سوى وسيط مالي، ولا تملك هي نفسها نية التملك المباشر.

الاتحاد كان قد عقد جمعية عمومية غير عادية في فبراير الماضي للتصويت على حل الاتحاد وتصفية أصوله في حال قبول عرض الشراء، وهو ما رفضه العمال، واحتجوا حينها على غياب تقييم عادل ومستقل للأسهم، ما أدى إلى إلغاء الجمعية وانتهاء صلاحية العرض حينها.

 

خلفية الصفقة وأبعادها

شركة «إي إف جي هيرميس» التي تقود العرض هي إحدى أكبر بنوك الاستثمار في الشرق الأوسط، وتعمل كمستشار مالي في عدد من صفقات برنامج الطروحات الحكومية المصرية، بما في ذلك شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة.

ويرى مراقبون أن صفقة استحواذ «هيرميس» على حصة العمال في «الشرقية للدخان» تأتي ضمن موجة توسع في الخصخصة تسعى الحكومة لتسويقها، وسط أزمة اقتصادية خانقة. لكن موقف عمال الشرقية يمثل حالة فريدة من الصمود والوعي بحقوق الملكية.

 

«لسنا عبئًا.. نحن شركاء في النجاح»

في تصريحات متفرقة أكد عدد من العمال أن موقفهم لا يأتي رفضًا للخصخصة في حد ذاتها، بل اعتراضًا على محاولات إتمام الصفقة دون احترام لتقييم عادل، أو الإفصاح عن الجهة التي تقف خلف الشراء، أو الالتزام بما أقرته الجمعية العمومية من الحد الأدنى للسعر المقبول.

وقال أحد العمال: «إحنا مش عايزين صدقة.. إحنا بنحسبها صح: عندنا أصول مستغلة وغير مستغلة، ومش هنبيع إلا لما نعرف إحنا بنبيع إيه وبكام ولمين».