طالبت الحكومة الألمانية السلطات المصرية بتقديم رد رسمي على اتهامات أممية متكررة بشأن ملاحقة الصحفية المصرية بسمة مصطفى، التي لجأت إلى ألمانيا بعد سلسلة من الانتهاكات التي طالتها داخل مصر وخارجها.

 

تحذير ألماني صريح

المفوضة الفيدرالية لحقوق الإنسان في الحكومة الألمانية، لويز أمتسبيرج، أعربت في بيان الأسبوع الماضي عن إدانة برلين الشديدة لما وصفته بـ"القمع العابر للحدود"، مشيرة إلى أن ما تواجهه بسمة مصطفى على الأراضي الألمانية من مضايقات ومراقبة وترهيب، يُعد انتهاكًا صريحًا للمعايير الدولية ولسيادة الدول.

وقالت أمتسبيرج: "استمرار الحكومات في ترهيب النشطاء والصحفيين بالخارج مرفوض تمامًا. لا يمكن القبول بأن تتحول الدول إلى ملاحِقة لمواطنيها حتى بعد مغادرتهم حدودها، سواء عبر الإنترنت أو بطرق ميدانية مباشرة."

 

اتهامات أممية مستمرة.. وصمت مصري مزمن

التصريحات الألمانية جاءت استنادًا إلى خطاب أصدره الشهر الماضي عدد من المقررين الخاصين بالأمم المتحدة، عبّروا فيه عن قلقهم إزاء تعرض بسمة مصطفى لسلسلة ممنهجة من المضايقات والاعتداءات في دول عدّة، بينها مصر ولبنان وكينيا وسويسرا وألمانيا.

أبرز هذه الحوادث تمثّل في واقعة وقعت في يوليو الماضي في العاصمة برلين، حيث رصدت بسمة شخصًا يتتبعها داخل مقهى اعتادت العمل فيه، وقالت إنها تعرفت عليه من حادثة سابقة عام 2022.

وأكد الخطاب الأممي أن هذه الانتهاكات تشكل نمطًا ممنهجًا لاستهداف المدافعات عن حقوق الإنسان من قبل جهات "يُزعم أنها تعمل لصالح السلطات المصرية أو بموافقتها الضمنية".

ورغم أن الأمم المتحدة وجهت عدة مراسلات للقاهرة خلال الأعوام الثلاثة الماضية بشأن هذا الملف، إلا أن الحكومة المصرية لم تُجب على أي منها حتى الآن.

 

من الأقصر إلى برلين.. رحلة الهروب من القمع

بسمة مصطفى، الحائزة على صفة اللاجئة السياسية في ألمانيا منذ فبراير 2022، غادرت مصر بعد اختفائها في محافظة الأقصر في نوفمبر 2020، حيث كانت بصدد تغطية ميدانية لتداعيات مقتل مواطن برصاص الشرطة في قرية العوامية.

ورغم أن آخر مكالمة هاتفية أجرتها أشارت إلى ملاحقة من قبل أحد عناصر الأمن، إلا أنها ظهرت لاحقًا أمام نيابة أمن الدولة بالقاهرة، التي وجهت لها اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة. وقد أفرج عنها لاحقًا بعد حبسها احتياطيًا لمدة 15 يومًا.

 

مسيرة مهنية مشاغبة

قبل نفيها القسري، عملت بسمة مع عدد من المنصات الصحفية المستقلة، وأنتجت تقارير وتحقيقات أثارت اهتمام الرأي العام، أبرزها ما تعلق بكشف الفحوصات الطبية القسرية في قضية اغتصاب فتاة فندق فيرمونت، وتغطية مقتل المواطن إسلام الأسترالي داخل قسم شرطة المنيب.

كما تعاونت مع شبكة أريج في إنتاج تحقيقات نوعية، بينها تحقيق حول الاستغلال الجنسي لعاملات المنازل، وترشحت بسببه لجائزة أريج عام 2018، وعملت لاحقًا باحثة ضمن فريق تحقيق حول المعلومات المضللة في زمن كورونا.

ولم تكتف بسمة بالنشاط الصحفي، بل أسست خلال جائحة كورونا مبادرة لإعداد وتوصيل وجبات صحية للمصابين المعزولين في منازلهم.