هاجمت إدارة ترامب المجتمعات الطلابية، وركّزت على الطلاب الأجانب ومؤسسات التعليم العالي، مما وجّه ضربة قاسية لحرية التعبير داخل الولايات المتحدة، وفقًا لما نشره موقع "ميدل إيست مونيتور". رغم أن أمريكا تدّعي الدفاع عن حرية الرأي والتعبير، فإن سياساتها الواقعية تكشف العكس. رفض ترامب أي صوت يعارضه، سواء تعلّق الأمر بالتجارة، أو الهجرة، أو احتجاجات طلابية سلمية تدعو لإنهاء الحرب على غزة، وهو هدف سبق وأعلنه خلال حملته الانتخابية.

عزز ترامب دعمًا مفرطًا لإسرائيل، حتى حين تخترق القوانين الأمريكية بشأن تسليح مناطق النزاع. اتُّهم طلاب ونشطاء وجامعات أمريكية بدعم غزة لمجرد مطالبتهم بوقف تمويل إسرائيل بمليارات الدولارات، رغم اتهامها بالإبادة الجماعية والفصل العنصري وإنكار الحقوق الفلسطينية. رأى المحتجون أن ما يجري في فلسطين ينسف كل القيم التي تتغنى بها واشنطن.

ركز ترامب على "محاربة معاداة السامية"، لكن ممارسات إسرائيل في غزة حوّلت هذا الشعار إلى غطاء سياسي. النائب اليهودي البارز جيري نادلر وصف ترامب بأنه "ديكتاتور محتمل"، وأكد أن حديثه عن محاربة معاداة السامية مجرّد ذريعة لفرض سيطرته على الجامعات.

ناقض ترامب أيضًا وعوده بإنهاء الحروب، فبينما تعهد بوقف النزاعات (كما في أوكرانيا)، واصل دعمه الكامل للحرب على غزة، رغم الأوضاع الإنسانية الكارثية هناك. هذه السياسة تعكس أولويات جيوسياسية واقتصادية تتجاوز حقوق الإنسان، وتؤدي إلى تفاقم الصراعات وسقوط ضحايا مدنيين.

داخل الولايات المتحدة، واجهت الجامعات ضغوطًا غير مسبوقة، إذ جرى تهديدها بسحب التمويل الفيدرالي. اعتُقل طلاب وأساتذة، تمامًا كما حدث إبان الحرب على فيتنام. آنذاك، اندلعت احتجاجات طلابية واسعة ضد التجنيد الإجباري والحرب، ما أدى لاعتقال الآلاف، أبرزهم الطالب توم هايدن من جامعة ميشيجان. تكررت هذه الأساليب اليوم، لكن الذريعة تغيّرت: اتهام المحتجين بمعاداة السامية، مخالفة شروط الإقامة، أو تهديد الأمن القومي.

بلغ عدد المعتقلين من طلاب وأساتذة نحو 3100 شخص في أكثر من 60 جامعة أمريكية، بحسب "ميدل إيست مونيتور". شملت الاعتقالات طلابًا مثل محمود خليل، وبدار خان سور، وروميسا أوزتورك، وعلي رضا درودي. في الوقت ذاته، شارك نحو مليون أمريكي في أكثر من 2600 فعالية مرتبطة بالحرب على غزة، أغلبها طالبت بوقفها فورًا.

اتهمت السلطات المحتجين بنشر خطاب كراهية ضد اليهود، لكن الحقيقة أن معظمهم عارضوا جرائم الحرب الإسرائيلية وانتقدوا السياسة الخارجية الأمريكية، التي ترسل أموال دافعي الضرائب إلى جيش أجنبي يقتل المدنيين. استشهد أكثر من 51 ألف شخص في غزة، أغلبهم من النساء والأطفال، وتعرض أكثر من 70٪ من المباني للدمار.

جامعة كولومبيا قبلت شروط إدارة ترامب لضمان استمرار التمويل، بينما رفضت جامعات مثل هارفارد الخضوع للضغوط الحكومية. رغم الترهيب، لا يبدو أن هذه الأساليب ستثني ملايين الأمريكيين عن معارضة الإبادة الجماعية في غزة.

وفقًا لـ"ميدل إيست مونيتور"، تعيد الإدارة الأمريكية تكرار التاريخ، لكن هذه المرة تستخدم معاداة السامية كستار سياسي لقمع المعارضة الداخلية، وتحويل النقد المشروع للسياسة الإسرائيلية إلى جريمة فكرية.

https://www.middleeastmonitor.com/20250417-from-vietnam-to-gaza-when-peaceful-opposition-to-us-foreign-policy-becomes-an-accusation/