جولة المحادثات غير المباشرة الأخيرة بين الولايات المتحدة وإيران في مسقط فتحت نافذة جديدة لضبط الطموحات العسكرية للبرنامج النووي الإيراني.
وقد تعيد هذه المحادثات، لاحقًا، جهود نزع السلاح في الشرق الأوسط، بما في ذلك إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية، مع إمكانية إدراج القدرات الصاروخية الإيرانية ضمن هذا الإطار.
بحسب تقارير حديثة، أصبحت إيران قادرة على تصنيع سلاح نووي خلال أسبوع واحد فقط. تقليص الوقت اللازم للوصول إلى هذه القدرة دون تصنيع فعلي للسلاح كان هدف طهران منذ انطلاق برنامجها النووي السري.
مسؤول إيراني رفيع قال خلال مفاوضات 2015 إن إيران كانت حينها تحتاج من 15 إلى 18 شهرًا لصنع قنبلة نووية إن قررت الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار وركّزت جهودها على هذا المسار.
بررت إيران إخفاء بعض أنشطتها عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بسبب استهداف منشآت وعلماء إيرانيين شاركوا في عمليات التفتيش، واتهمت الاستخبارات الغربية والإسرائيلية بالوقوف وراء ذلك.
من جهة أخرى، تتهم إسرائيل والولايات المتحدة إيران بالسعي منذ البداية لامتلاك سلاح نووي بهدف تدمير إسرائيل وتوسيع نفوذها وتصدير الثورة الشيعية.
ورغم الخلاف في الروايات، كانت هناك فرصة حقيقية لضبط البرنامج النووي في 2015، لكن الولايات المتحدة هي من انسحبت من الاتفاق، مما أتاح لإيران التراجع عن التزاماتها مع الوكالة الدولية وتسريع خطواتها.
الواقع اليوم أن إيران اختزلت وقت التقدم بشكل كبير، وأصبحت قادرة على تصنيع عدد محدود من الأسلحة النووية خلال فترة قصيرة إذا أرادت، وفقًا لـ"ميدل إيست آي".
ورغم ذلك، لا يزال الموقف الرسمي للمرشد الأعلى يحرم امتلاك سلاح نووي شرعًا.
لم يبدأ برنامج إيران النووي بعد الثورة، بل انطلق في عهد الشاه بدعم أمريكي لتعزيز مكانة إيران الإقليمية كحليف لواشنطن وتل أبيب.
بعد الثورة، توقف البرنامج مؤقتًا ثم عاد تدريجيًا في الثمانينيات بسبب تهديدات الحرب مع العراق وعداء الغرب.
ويُنظر اليوم إلى احتمال امتلاك إيران لسلاح نووي كوسيلة ردع لاستخدامها الفعلي، تمامًا كما حدث مع دول أخرى خارج النظام العالمي للانتشار النووي كإسرائيل والهند وباكستان وكوريا الشمالية.
بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 وما تبعه من مواجهات مباشرة بين إيران وإسرائيل، وُضع حظر إيران الرسمي على الأسلحة النووية تحت المجهر.
فهل أصبحت طهران في وضع يجعلها تعتبر السلاح النووي ضرورة لحماية النظام من تهديدات وجودية؟ كثيرون يعتقدون أن السلاح النووي، كما حدث مع دول أخرى، هو وسيلة تأمين ضد أي محاولة لتغيير النظام بالقوة.
الولايات المتحدة وإسرائيل طالما سعتا لتفكيك قدرات إيران الصاروخية التي قد تُستخدم لإيصال رؤوس نووية، لكن هذه القدرات ليست محظورة دوليًا مثل الأسلحة النووية.
مع ذلك، يمكن معالجة هذا الملف لاحقًا ضمن ترتيبات أمنية وتبادلية أوسع.
الخيار الأكثر واقعية حاليًا هو تجميد البرنامج النووي الإيراني عند مستواه الحالي مقابل اتفاقيات تحقق مكاسب لجميع الأطراف: منع إيران من تصنيع سلاح نووي، تجنب حرب مدمرة في المنطقة، تخفيف التوترات الإقليمية، وتوفير ضمانات أمنية لإيران مقابل عمليات تحقق صارمة.
في المقابل، الإصرار على تفكيك البرنامج بالكامل بالقوة فكرة غير واقعية، لأن تدمير المنشآت لا يلغي المعرفة العلمية المكتسبة، ما يجعل إيران قادرة على إعادة المحاولة لاحقًا.
الاتفاق على تجميد البرنامج النووي قد يمهد لتعاون إقليمي أوسع يُسهم في استقرار المنطقة. أما سيناريو التصعيد العسكري فسيقود إلى كارثة، وقد يُسرّع من اندفاع إيران نحو امتلاك السلاح النووي ويفجّر سباق تسلح نووي غير مسبوق في الشرق الأوسط.