في خضم الضغوط الدولية المتزايدة لوقف الحرب على قطاع غزة، فجّرت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية موقفًا حاسمًا، برفضها المقترح الإسرائيلي الأخير بشأن وقف إطلاق النار، ووصفت المقترح بـ"الفخ السياسي" الذي يهدف إلى تصفية جوهر القضية الفلسطينية تحت غطاء التهدئة.

البيان الصادر عن اللجنة، جاء ناريًا ومشحونًا بالتحذيرات من "بنود خطيرة" تضمّنها المقترح الإسرائيلي، لا سيّما تلك المتعلقة بنزع سلاح المقاومة وتسليم الأسرى الإسرائيليين، دون تقديم أي ضمانات حقيقية لوقف العدوان أو الانسحاب الكامل من قطاع غزة.
 

المقاومة في مرمى المقايضة السياسية
   بحسب البيان، فإن المقترح لا يضع حدًا للعدوان، ولا يتعهد بإنهاء الحصار أو إعادة إعمار ما دمّرته الحرب، بل يكتفي بتحميل الفلسطينيين شروطًا أمنية تمس جوهر حقهم في الدفاع عن النفس، مقابل وعود غامضة وهشة.
ورأت اللجنة أن إسرائيل تحاول من خلال هذا المقترح ترسيخ الاحتلال سياسيًا، وتحييد سلاح المقاومة بوصفه “العقبة الأخطر” أمام مشروعها التوسعي.
 

ازدواجية المعايير الدولية.. تضخيم "سلاح الضحية" وتجاهل ترسانة القاتل
   اللجنة انتقدت ما وصفته بـ"الانحياز الدولي السافر للمنظور الأمني الإسرائيلي"، مشيرة إلى أن المجتمع الدولي يتعاطى مع المقاومة الفلسطينية -التي تصفها بـ"البدائية والمخصصة للدفاع عن النفس"- وكأنها تهديد وجودي، في وقت تواصل فيه الولايات المتحدة تزويد إسرائيل بأسلحة فتاكة وقنابل ثقيلة تُلقى يوميًا على رؤوس المدنيين.

هذا الانحياز، وفق البيان، لا يُنتج إلا مزيدًا من الدم والدمار، ويعطي الاحتلال ضوءًا أخضر للاستمرار في جرائمه، تحت غطاء "مقترحات سلام" لا تحمل من السلام إلا اسمه.
 

غزة خط الدفاع الأول عن مصر
   في طرح لافت، ربطت اللجنة بين الأمن القومي المصري وما يجري في قطاع غزة، مشيرة إلى أن القطاع ليس فقط ساحة مواجهة فلسطينية بل "يشكّل منطقة تأمين طبيعية لمصر"، ويفصل بينها وبين "عدو الأمة العربية"، وأكّدت أن سكان القطاع يمثلون "الطليعة المتقدمة لجيش مصر"، فيما تمثل القاهرة العمق الاستراتيجي للفلسطينيين.
 

فشل الاتفاق وتحميل نتنياهو المسؤولية
   اللجنة لم تتوقف عند تحليل المقترح الإسرائيلي، بل اتهمت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ"إفشال اتفاق وقف إطلاق النار" رغم التزام الفلسطينيين ببنوده الثلاثية، مشيرة إلى أن الاحتلال معروف تاريخيًا بتنصله من الاتفاقات، وأن أي تساهل في الضمانات هو تكرار لتجارب فاشلة سابقة.

ووصفت اللجنة ما يجري بـ"عملية تضليل كبرى"، تحاول تحويل الأنظار من التهرب الإسرائيلي من تنفيذ الاتفاقات، إلى التركيز على مسألة نزع سلاح المقاومة، في حين تبقى القضايا الجوهرية -من إنهاء الاحتلال ورفع الحصار إلى إعمار القطاع- معلقة ومرهونة بقرار إسرائيلي لا نوايا له بالتحقق.
 

دعوة للمجتمع الدولي: الضغط على الجلاد لا الضحية
   في ختام بيانها، دعت القوى الوطنية والإسلامية الوسطاء والمجتمع الدولي إلى الكف عن إدارة الأزمة بعين واحدة، والضغط الفعلي على إسرائيل للالتزام بوقف العدوان، ورفع الحصار، والانسحاب الكامل، بدل الانخراط في مسارات تفاوضية تتجاهل السياق الأساسي للصراع.

وخلص البيان إلى أن نتنياهو لا يعطّل الاتفاقات فقط، بل يستغل الحرب كأداة للبقاء السياسي، مدعومًا بـ"تواطؤ دولي وصمت قاتل"، يمنحه مساحة لفرض وقائع ميدانية تسعى إلى سحق فكرة الدولة الفلسطينية.