أعلنت قبائل محافظة مطروح تعليق جميع أشكال التعاون مع وزارة الداخلية، على خلفية مقتل شابين من أبناء المحافظة بعد أن سلّما نفسيهما للشرطة بضمانة عرفية، في واقعة تُهدّد بإشعال مواجهة مفتوحة بين السلطة الأمنية والنسيج القبلي المتماسك تاريخيًا في الإقليم الحدودي الحساس.
مجلس العمد والمشايخ يقاطع الداخلية
جاء القرار خلال اجتماع طارئ عقده مجلس العمد والمشايخ في مطروح، أمس السبت بحضور ممثلي العائلات والقبائل من مختلف أنحاء المحافظة.
وأعلن المجلس وقف التعاون مع كافة أجهزة الشرطة، وعلى رأسها أقسام الشرطة، إلى حين انتهاء التحقيقات في واقعة مقتل الشابين: يوسف عيد فضل السرحاني وفرج رباش الفزاري.
القرار مثّل تعبيرًا عن حالة غضب شعبي عارم، وصلت إلى حد التلويح باستقالة جماعية من المجلس القبلي، ما لم يتم التحقيق مع رجال الأمن المتورطين، بما في ذلك مسؤولي جهاز الأمن الوطني، المتهمين من قبل الأهالي بـ"الإخلال بالتعهدات، واللجوء إلى تصفية جسدية خارج إطار القانون".
أحداث النجيلة.. الشرارة الأولى
القصة بدأت منتصف الأسبوع الماضي، في مدينة النجيلة، عندما سقط ثلاثة من أفراد الشرطة قتلى خلال مطاردة لأحد الأشخاص الهاربين من أحكام قضائية.
تبع ذلك حملة أمنية عنيفة شملت اعتقال رجال ونساء من سكان المنطقة، وسط اتهامات باستخدام النساء كرهائن للضغط على المطلوبين لتسليم أنفسهم.
بحسب نقابة المحامين في مطروح، فإن الاعتقالات جرت "عشوائيًا، ومن دون أي مسوّغ قانوني"، معتبرة أن ما حدث يُشكل "انتهاكًا خطيرًا للسلم الاجتماعي، وخروجًا فاضحًا على الدستور".
بين الرواية الأمنية والاتهامات القبلية
بحسب وزارة الداخلية، فإن الشابين القتيلين كانا "عنصرين إجراميين شديدي الخطورة"، وتمت تصفيتهما في "تبادل لإطلاق النار" بعد رصدهما في منطقة نائية.
لكن عائلات الشابين نفت تلك الرواية جملة وتفصيلًا، مؤكدين أنهما سلّما نفسيهما طواعية بعد الحصول على ضمانات من القيادات الأمنية عبر وساطات عرفية.
رواية الأهالي مدعومة بشهادات نُشرت على صفحات محلية على موقع فيسبوك، أكدت أن الشرطة اصطحبت الشابين إلى منطقة صحراوية في طريق مطروح – السلوم، قبل العثور عليهما جثتين هامدتين، ما دفعهم لتقديم بلاغ رسمي إلى النائب العام، مطالبين بفتح تحقيق عاجل.
الداخلية تنفي احتجاز النساء
في مواجهة هذه المزاعم، نفت وزارة الداخلية احتجاز النساء، معتبرة أن ما جرى "محاولة لإثارة البلبلة"، متوعدة بملاحقة مروّجي تلك الروايات قانونيًا.
لكن نقابة المحامين ردّت ببيان يؤكد أن احتجاز النساء تم فعلًا، ووصفته بـ"جريمة مكتملة الأركان".
مطروح على صفيح ساخن
تصعيد القبائل في مطروح لم يكن مجرد غضب عابر، بل تطور إلى موقف جماعي لهجته حادة، يدعو إلى لقاء مباشر مع عبد الفتاح السيسي، لنقل مطالب الأهالي ومخاوفهم من تدهور الوضع الأمني والقبلي في المنطقة، محذرين من عواقب استمرار سياسات "الاستفزاز والتصفية".
وأكد بيان مجلس العمد والمشايخ أن ما جرى "لا يمس فقط حياة شابين، بل يمس منظومة العدالة وثقة المواطن في الدولة"، مضيفًا أن "الكرامة والعدالة لا يمكن التفاوض بشأنهما".
الخط الفاصل بين القانون والعُرف
تشكل محافظة مطروح، ذات الطبيعة الصحراوية والحدود الاستراتيجية مع ليبيا، واحدة من أكثر المناطق حساسية في مصر، حيث يلعب العُرف القبلي دورًا محوريًا في ضبط الأمن الاجتماعي.
وهو ما يجعل أي خرق لهذا التوازن، كاحتجاز النساء أو التصفية خارج القانون، تهديدًا خطيرًا لهذا النسق.
https://www.facebook.com/OUTLETMatrouh/posts/689210170285162
https://www.facebook.com/share/v/12JcmGb6c8K