استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم الأحد مبنى الاستقبال والطوارئ في المستشفى المعمداني (الأهلي العربي) وسط مدينة غزة، ما أدى إلى تدميره بالكامل، وإخراج المستشفى الوحيد العامل في محافظة غزة عن الخدمة نهائيًا.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن القصف الإسرائيلي استهدف المبنى بصاروخين مباشرين، ما تسبب في دمار شامل لأقسام الاستقبال، الطوارئ، المختبر، والصيدلية. وقد اضطر عشرات المرضى والجرحى، إلى جانب الطواقم الطبية، إلى افتراش الأرصفة والشوارع المحيطة بالمستشفى، في مشهد صادم يعكس انهيار القطاع الصحي.
خطة ممنهجة.. وغياب كامل للمحاسبة
اتهمت وزارة الصحة في غزة الجيش الإسرائيلي بتنفيذ خطة ممنهجة لتدمير القطاع الصحي، مؤكدة أن المعمداني هو المستشفى الـ34 الذي يتم إخراجه عن الخدمة منذ بدء الحرب.
وقال مدير عام المستشفيات في قطاع غزة، د. محمد زقوت، إن المستشفى كان الوحيد المزوّد بجهاز التصوير الطبقي في مدينة غزة والشمال، ما يزيد من حجم الكارثة.
وأكد زقوت أن الاحتلال يواصل رفض دخول أي معدات طبية، على الرغم من المناشدات المستمرة من منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر الدولي.
120 مريضًا في العراء.. ولا مكان آمن
من جانبه، قال د. محمد أبو سلمية، مدير مجمع الشفاء الطبي، إن تدمير المستشفى أدى إلى تشريد 120 مريضًا على الأقل، بعضهم في حالات حرجة، فيما لم يعد لهم أي مأوى أو بديل للعلاج.
أما مدير المستشفى المعمداني د. فضل نعيم، فوصف الهجوم بأنه "جريمة ضد الإنسانية"، مشيرًا إلى أن الاحتلال يبعث برسالة واضحة مفادها: "لا مكان آمن في غزة".
ونفى د. عصام أبو عجوة، اختصاصي الجراحة العامة بالمستشفى، وجود أي مسلحين داخل مباني المستشفى، كما ادعت قوات الاحتلال لتبرير الهجوم، واصفًا الرواية الإسرائيلية بأنها "ذر للرماد في العيون".
غضب شعبي وديني واسع.. إهانة للمسيحيين في أحد الشعانين
الهجوم تزامن مع احتفالات الكنائس المسيحية التي تتبع التقويم الغربي بأحد الشعانين، وهو ما ضاعف من حدة الاستنكار.
وقال القس الكنن دون بندر، السكرتير الثاني لمجلس بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، إن قصف المستشفى الذي يتبع الكنيسة الأسقفية الإنجليكانية يشكل "إهانة لجميع المسيحيين وانتهاكًا لقواعد السلوك الإنساني".
وأكدت أبرشية القدس الأسقفية أن هذا هو الاستهداف الخامس للمستشفى منذ بداية الحرب في عام 2023، واصفة الهجوم في بداية الأسبوع المقدس بأنه "فعل متعمد لا يحترم المقدسات ولا الأعراف الإنسانية".
مواقف الفصائل.. جريمة حرب.. وغطاء أميركي
في ردها على الجريمة، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن استهداف المستشفى يمثل "جريمة حرب جديدة"، واتهمت الإدارة الأميركية بمنح الاحتلال ضوءًا أخضر للاستمرار في ارتكاب الجرائم بحق المدنيين.
ودعت حماس المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول العربية والإسلامية إلى التدخل العاجل لوقف الانتهاكات.
من جانبها، وصفت حركة الجهاد الإسلامي الهجوم بأنه "صعود جديد نحو قمة الإجرام"، مشيرة إلى أن ما حدث هو جزء من سلسلة عدوانية ممنهجة تستهدف المؤسسات الطبية والتعليمية ومراكز الإيواء في قطاع غزة.
مستشفى المعمداني.. من منارة إنسانية إلى ركام
أنشئ المستشفى المعمداني عام 1882 على يد بعثة تبشيرية إنجليزية، وكان يمثل لسنوات طويلة رمزًا للإنسانية والتعايش في قلب غزة، وهو المستشفى المسيحي الوحيد في القطاع.
وقد ارتبط اسم المستشفى بمجزرة دامية في أكتوبر 2023، عندما قُصف محيطه وأودى الهجوم بحياة نحو 500 فلسطيني كانوا يحتمون بداخله.
شاهد:
https://x.com/TamerMisshal/status/1911233330470674726
https://x.com/AJArabic/status/1911328503695552898