أطلقت وزارة الصحة في غزة، أمس الخميس، نداءً عاجلًا لإنقاذ ما تبقى من المنظومة الصحية، محذّرة من انهيار وشيك للمستشفيات والمراكز الطبية، وسط استمرار العدوان الإسرائيلي وحرمان القطاع من أبسط مقومات البقاء.

وقالت الوزارة في بيانها إن النقص في الأدوية والمستهلكات الطبية بلغ مستويات "خطيرة وغير مسبوقة"، في ظل الحصار المشدد وإغلاق المعابر الذي يمنع دخول الإمدادات الطبية والإنسانية.

وأشارت إلى أن 37% من الأدوية الأساسية نفدت تمامًا، بينما تعاني 59% من المستهلكات الطبية من نفاد تام، ما يشل قدرة المستشفيات على التعامل مع الإصابات المتزايدة والمرضى المزمنين.
 

أقسام عاجزة وحالات ميؤوس منها
   تعمل حالياً أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ وفق ما وصفته الوزارة بأنه "أرصدة شبه معدومة" من الأدوية والمستلزمات المنقذة للحياة، مما يضع الطواقم الطبية أمام اختيارات صعبة تتعلق بحياة المرضى.

وقال أحد الأطباء العاملين في مستشفى الشفاء –رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية– إن الفرق الطبية تضطر إلى استخدام أدوية منتهية الصلاحية أو تقاسم الجرعات بين المرضى في ظل النقص الحاد.
 

مرضى مزمنون في دائرة الخطر
   وتشير المعطيات الصادرة عن الوزارة إلى وجود أكثر من 80 ألف مريض بالسكري و110 آلاف مصاب بارتفاع ضغط الدم لا يتوفر لهم العلاج في مراكز الرعاية الأولية، ما يعرضهم لمضاعفات قد تكون مميتة في حال استمرار الأزمة.
كما أن 54% من أدوية مرضى السرطان وأمراض الدم غير متوفرة على الإطلاق، ما يعني حرمان هؤلاء من حقهم في العلاج ومواجهة مصير مجهول.
 

أرقام مرعبة للضحايا
   وفي خضم هذا الوضع الصحي الكارثي، أعلنت وزارة الصحة عن ارتفاع حصيلة الشهداء منذ بداية العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023 إلى 50,886 شهيداً، فيما تجاوز عدد الجرحى 115,875 مصاباً، معظمهم بحاجة إلى رعاية صحية مستمرة في مستشفيات باتت عاجزة عن تقديمها.

وخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط، استُشهد 40 شخصاً وأصيب 146 آخرون، وفق التقرير الإحصائي اليومي الصادر عن الوزارة، مما يفاقم من ضغط العمل على الطواقم الطبية المنهكة.

ومنذ استئناف العدوان في 18 مارس 2025، بلغت حصيلة الضحايا 1522 شهيداً و3834 جريحاً، في حين ما يزال عدد كبير من الضحايا تحت الأنقاض وفي الشوارع دون إمكانية الوصول إليهم بسبب استمرار القصف الإسرائيلي الكثيف.
 

تدمير شامل للقطاع الصحي
   تؤكد التقارير الرسمية أن 34 من أصل 38 مستشفى في قطاع غزة خرجت عن الخدمة، ولم يتبق سوى أربعة مستشفيات تعمل بقدرة محدودة جدًا رغم تضررها الكبير.
كما دمر القصف الإسرائيلي 80 مركزًا صحيًا بشكل كامل، إضافة إلى تدمير 162 مؤسسة طبية، ما يضع القطاع على حافة كارثة صحية وإنسانية غير مسبوقة.
 

نداء عاجل للمجتمع الدولي
   وجددت وزارة الصحة نداءها للمجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية بسرعة التدخل لفتح المعابر وإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية العاجلة، مؤكدة أن استمرار الوضع الحالي يرقى إلى "جريمة إبادة صحية" ضد السكان المدنيين، ويشكّل خرقًا فاضحًا للقانون الدولي الإنساني.

ودعت الوزارة إلى تحرك دولي فوري لإنقاذ أرواح آلاف المرضى والجرحى، في وقت تعجز فيه الطواقم المحلية عن الاستجابة للاحتياجات المتزايدة بسبب الحصار والتدمير الممنهج للمرافق الصحية.