نشر الجيش التركي منظومات صواريخ متقدمة من طراز S-400 في قاعدة T-4 الجوية ومطار تدمر العسكري بمحافظة حمص وسط سوريا، وفق ما أفادت به تقارير إعلامية وعسكرية متقاطعة.
التحرك التركي يأتي في وقت بالغ الحساسية، وسط تصاعد التوترات في المنطقة، وخصوصًا مع الاحتلال الاسرائيلي.
وجود تركي في قلب الصراع
أفادت مصادر عسكرية تركية أن وحدات من القوات المسلحة التركية وصلت فعليًا إلى قاعدة T-4 ومطار تدمر، وهما الموقعان اللذان كانا هدفًا لهجمات جوية إسرائيلية في الأسابيع الماضية.
وتتضمن القوة التركية بطاريات من نظام الدفاع الجوي الروسي الصنع S-400، ومنظومة "حصار" المحلية الصنع، إضافة إلى طائرات مسيرة هجومية بعيدة المدى.
ويُقرأ هذا الانتشار من قبل مراقبين على أنه جزء من خطة تركية لتكثيف الضربات ضد تنظيم "داعش"، ولردع أي محاولات إسرائيلية لمواصلة استهداف العمق السوري الذي بات يضم وجودًا تركيًا متزايدًا.
أنقرة: لا نريد صدامًا.. لكننا مستعدون
قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن "تركيا لا تسعى لمواجهة مع إسرائيل في سوريا"، لكنه حمّل تل أبيب مسؤولية زعزعة الاستقرار الإقليمي عبر غاراتها المتكررة، مؤكدًا أن "التحركات الإسرائيلية تُقوّض قدرة الحكومة الجديدة في دمشق على ردع التهديدات".
واعتبر فيدان أن أي تفاهمات محتملة بين دمشق وتل أبيب هي "شأن داخلي"، لكنه شدد على أن التوتر الحالي "نتيجة مباشرة لنهج تل أبيب العدواني".
إسرائيل تراقب بحذر وتُحذر
الرد الإسرائيلي لم يتأخر، إذ نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول إسرائيلي رفيع أن "إسرائيل لا ترغب في صراع مع تركيا في سوريا"، لكن المسؤول نفسه أضاف: "لا نريد تعزيزًا تركيًا على حدودنا، ونأمل ألا تسعى أنقرة إلى الصدام".
وفي تقرير تحذيري، ذهبت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أبعد من ذلك، إذ وصفت القاعدة الجوية التركية في سوريا بأنها "تهديد مباشر" للمجال الجوي الإسرائيلي، معتبرة أن "الطائرات التركية بدون طيار لم تعد مجرد حلم مرعب، بل واقع يلوح في أفق 2025".
هل حصلت تركيا على ضوء أخضر أمريكي؟
الباحث السوري خليل المقداد اعتبر في سلسلة تغريدات أن "الوجود التركي في سوريا لا يتم دون ضوء أخضر أمريكي"، لافتًا إلى أن "نشر بطاريات صواريخ أرض-جو جزء من ترتيبات أمريكية وناتوية، وليس بالضرورة موجهاً ضد إسرائيل".
وبحسب المقداد، فإن واشنطن قد تكون بصدد إعادة توزيع أدوارها في سوريا عبر دعم تركيا لملء الفراغ في حال انسحاب قواتها، ودمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن البنية الرسمية للدولة السورية.
https://x.com/Kalmuqdad/status/1908246108587127097
البعد الجيوسياسي.. سوريا ساحة لتقاطع المصالح
رأى الباحث المصري محمود الطوخي أن "سوريا هي المفتاح الذي يمكن أن يُشعل المنطقة"، معتبرًا أن الصراع فيها "قد يؤدي إلى انقسام عالمي بين أوروبا وأمريكا".
وأوضح أن تركيا ترى في استقرار سوريا مكسبًا استراتيجيًا يعزز من تجربة الحكم الإسلامي المدعومة من أنقرة، فيما ترى إسرائيل أن الخطر المستقبلي الحقيقي على أمنها ينبع من قيام نظام إسلامي مدعوم تركيًا على حدودها.
موقف تركيا الرسمي.. إسرائيل تغذي الفوضى
بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية، وصف التصريحات الإسرائيلية الأخيرة ضد تركيا بأنها "تعكس حالة نفسية متأزمة يعيشها المسؤولون الإسرائيليون".
وأكد البيان أن إسرائيل باتت التهديد الأكبر لأمن المنطقة، خاصة في ظل غياب أي استفزاز أو هجوم من سوريا ضدها، مضيفًا: "نهج السياسة الخارجية الإسرائيلية يتغذى على الصراع".
ودعت تركيا تل أبيب إلى "التخلي عن سياساتها التوسعية، والتوقف عن تقويض الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في سوريا"، معتبرة أن إسرائيل أصبحت "عامل زعزعة استقرار استراتيجي في المنطقة".