كشف تقرير حديث صادر عن مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب عن استمرار وتصاعد الانتهاكات في السجون ومقار الاحتجاز، حيث تم توثيق 302 واقعة انتهاك خلال شهر مارس الماضي، شملت 3 حالات وفاة و19 حالة إهمال طبي، إلى جانب حالات تعذيب وإخفاء قسري وتكدير ممنهج.

التقرير، الذي حمل عنوان "أرشيف القهر", وثّق حالتين تعذيب فردي، و35 حالة تكدير فردي، و3 حالات تكدير جماعي، و16 حالة تدوير على ذمة قضايا جديدة، و53 واقعة إخفاء قسري، وظهور 152 مخفياً قسرياً بعد فترات احتجاز غير معلنة، و19 حالة عنف من الدولة.
 

وفيات تحت الاحتجاز.. إهمال طبي أم سياسة ممنهجة؟
أفاد التقرير بأن ثلاثة محتجزين فارقوا الحياة خلال مارس الماضي، وهم:

  • نبيل فورفور، الذي توفي في مقر فرق الأمن بمدينة دمنهور.
  • خالد أحمد مصطفى، الذي قضى نحبه في سجن العاشر من رمضان.
  • مهند قنديل، الذي لفظ أنفاسه الأخيرة في قسم شرطة طنطا الثاني.

وفي ظل هذه الوقائع، تتزايد المخاوف بشأن الظروف القاسية التي يعيشها المعتقلون، خاصة في ظل توثيق المركز 19 حالة إهمال طبي متعمد، حيث يتم حرمان المحتجزين من العلاج والرعاية الصحية، وهو ما يعد بمثابة "حكم بطيء بالإعدام" للمصابين بأمراض مزمنة أو حالات خطيرة.
 

أنماط التعذيب.. آلة القمع لا تتوقف
رصد مركز النديم أساليب تعذيب وحشية تمارس داخل السجون وأماكن الاحتجاز، تتراوح بين:

  • الضرب المبرح والسحل.
  • الصعق بالكهرباء في أماكن حساسة.
  • تعليق الأرجل وربط اليدين من الخلف لفترات طويلة.
  • إلقاء البراز في وجوه المعتقلين وعصب أعينهم.

إلى جانب ذلك، أشار التقرير إلى أن التكدير الفردي والجماعي بات أسلوباً ممنهجاً داخل السجون، حيث يُحرم المعتقلون من الطعام والمياه لأيام، كما تُمنع عنهم الزيارات، وتُخفض مددها ومحتوياتها لأدنى مستوى، بالإضافة إلى منع دخول الأدوية والملابس، وحلق شعر السجناء قسراً، وتكديسهم في زنازين ضيقة لا تتسع للأعداد الكبيرة.
 

مقارنة بانتهاكات الأشهر السابقة
عند مقارنة انتهاكات مارس بالشهرين السابقين، يظهر تصاعدًا خطيرًا في بعض الممارسات:

  • في فبراير: تم تسجيل 307 انتهاكات، تضمنت 9 حالات قتل، و3 وفيات، و9 حالات إهمال طبي، إلى جانب 53 حالة إخفاء قسري و42 واقعة عنف من الدولة.
  • في يناير: تم توثيق 235 انتهاكاً، بينها 4 حالات وفاة، و16 حالة إهمال طبي، و10 وقائع تدوير قضايا، و34 حالة إخفاء قسري.

هذا الارتفاع في أعداد الانتهاكات يعكس نمطاً متصاعداً من القمع داخل أماكن الاحتجاز، وسط غياب أي محاسبة قانونية أو رقابة مستقلة.
 

مخاوف حقوقية وصمت رسمي
   يؤكد مركز النديم أن تقاريره تستند إلى معلومات منشورة في منصات إعلامية مستقلة ومصادر حقوقية موثوقة.
ومع ذلك، فإن السلطات ترفض بشكل مستمر الاتهامات الموجهة إليها بانتهاك حقوق المحتجزين، بل تفرض قيوداً مشددة على عمل المنظمات الحقوقية، مما يعرقل جهود توثيق الجرائم بحق المعتقلين.

وفي ظل هذا الواقع، تتعالى الأصوات الحقوقية المطالِبة بفتح تحقيقات مستقلة في هذه الانتهاكات، مع ضرورة السماح بزيارات دورية للسجون من قبل جهات محايدة، لضمان الحد الأدنى من حقوق المحتجزين وفق المعايير الدولية.