أثار الأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من دول أوربية وغيرها، امتعاضاً دولياً واسعاً، إذ أعلنت أكثر من جهة عملها على ردود مضادة مبديةً في الوقت ذاته استعدادها للحوار مع واشنطن.
وفي ما يأتي أبرز ردود الفعل الأولية على الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء على واردات بلاده من دول العالم أجمع ولا سيما من الصين والاتحاد الأوروبي.
قرارات خطيرة
فمن جهتها أعلنت الصين الخميس أنها "تعارض بشدة" الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة على صادراتها، متعهدة باتخاذ "تدابير مضادة لحماية حقوقها ومصالحها".
وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان إن الرسوم الجمركية الأميركية "لا تتوافق مع قواعد التجارة الدولية وتضر بشكل خطر بحقوق الأطراف المعنيين وبمصالحهم المشروعة".
وطالبت وزارة التجارة واشنطن بأن "تلغي فوراً" الرسوم الجمركية، محذرة من أن هذه التعرفات "تُعرض التنمية الاقتصادية العالمية للخطر" وتضر بالمصالح الأميركية وبسلاسل التوريد الدولية.
اضطراب عالمي
وقالت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد أمس إن ما سيعلنه ترامب "لن يكون في صالح الاقتصاد العالمي، لن يكون في صالح أولئك الذين يفرضون الرسوم الجمركية ولا أولئك الذين يردّون عليها (عبر فرض رسوم مضادة). هذا سيلحق اضطرابا بعالم التجارة كما نعرفه".
وأبدت فون دير لاين "أسفها العميق" لقرار ترمب، قائلة إن الأوروبيين "مستعدون للرد" ويعملون على "حزمة جديدة من التدابير المضادة" في حال فشل المفاوضات مع الإدارة الأميركية.
من جهتها قالت الناطقة باسم الحكومة الفرنسية صوفي بريماس الخميس إن الاتحاد الأوروبي يعتزم في رده على الرسوم الجمركية التي أعلنها ترمب "استهداف الخدمات الرقمية".
وأضافت لشبكة "إر تي إل" الفرنسية، "نحن متأكدون من أننا سنواجه تبعات سلبية على الإنتاج"، معربةً عن قلقها خصوصاً في شأن تأثير القرار الأميركي على قطاع النبيذ والمشروبات الروحية.
حرب تجارية الجميع فيها خاسر
بدوره، قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبسترايت إن "تكاليف الحرب التجارية لا يتحملها طرف واحد، بل قد تصبح تكلفتها باهظة على الجانبين".
وتحدث محللون في غولدمان ساكس في مذكرة عن المخاطر الاقتصادية المرتبطة بمجموعة واسعة من الرسوم الجمركية سيكون لها التأثير السلبي ذاته مثل زيادة في الضرائب، على الاستهلاك والقدرة الشرائية.
غضب كندي
تعهد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني الرد على رسوم ترمب، معتبراً أنها "ستغير جذرياً" التجارة الدولية.
وقال كارني في أوتاوا "سنتصدى لهذه الرسوم الجمركية بإجراءات مضادة"، معتبراً أن الرسوم على الصلب والألومنيوم والسيارات "ستؤثر مباشرة على ملايين الكنديين".
إجراء سيئ
وأعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أن رسوم ترمب "إجراء سيئ"، محذرة من أن اندلاع حرب تجارية لن يؤدي إلا إلى إضعاف الغرب.
وقالت ميلوني في بيان إن "فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية على الاتحاد الأوروبي إجراء أعتبره خاطئاً ولا يصب في مصلحة أي من الطرفين. سنبذل قصارى جهدنا للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لتجنب حرب تجارية ستؤدي حتماً لإضعاف الغرب لمصلحة جهات فاعلة عالمية أخرى".
البرازيل
وأقر البرلمان البرازيلي قانوناً يجيز للحكومة اتخاذ إجراءات للرد على أي قيود تجارية تعرقل صادرات البلاد، بينما قالت حكومة الرئيس اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا "تأسف للقرار الذي اتخذته الحكومة الأميركية اليوم بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10 في المئة على كل الصادرات البرازيلية".
وأضافت أنها "بصدد تقييم كل الإجراءات الممكنة لضمان المعاملة بالمثل في التجارة الثنائية، بما في ذلك اللجوء إلى منظمة التجارة العالمية".
استراليا
وأعلن رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي أن رسوم ترمب "غير مبررة بتاتاً" ومن شأنها أن تغير علاقة بلاده بالولايات المتحدة.
وبعد أن فرض ترمب رسوماً جمركية بنسب مختلفة على سائر شركاء بلاده التجاريين، ومن بينها أستراليا التي بلغت نسبة الرسوم على صادراتها إلى الولايات المتحدة 10 في المئة، قال ألبانيزي إن "هذه الرسوم ليست غير متوقعة، لكن دعونا نكون واضحين: إنها غير مبررة بتاتاً"، مشدداً على أن هذه الرسوم "ستكون لها عواقب على نظرة الأستراليين لهذه العلاقة".
أيرلندا
وأعرب رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن عن "أسفه الشديد" لفرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية بنسبة 20 في المئة على واردات بلاده من الاتحاد الأوروبي، داعياً الدول الـ27 الأعضاء في التكتل إلى الرد على واشنطن بطريقة "متناسبة".
كولومبيا
واعتبر الرئيس الكولومبي غوستافو بترو أن "الحكومة الأميركية تعتقد أن زيادة الرسوم الجمركية على وارداتها عموماً قد تزيد الإنتاج والثروة والعمالة. برأيي، قد يكون هذا خطأ فادحاً".
الدنمارك
وقال وزير الخارجية الدنماركي لارس لوك راسموسن إن "الجميع استفادوا من التجارة العالمية (...) لا أفهم لماذا تريد الولايات المتحدة شن حرب تجارية على أوروبا. لا أحد ينتصر، الجميع خاسرون"، مؤكداً أن "أوروبا ستبقى موحدة. أوروبا ستقدم ردوداً قوية ومتناسبة".
اليابان
وحذّرت اليابان الخميس من أنّ الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية والمعاهدة التجارية المبرمة بين البلدين.
وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية يوشيماسا هاياشي للصحافيين "لدينا مخاوف جدية بشأن مدى توافقها مع اتفاقية منظمة التجارة العالمية والمعاهدة التجارية المبرمة بين اليابان والولايات المتحدة".
من جهته، حذر وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت دول العالم أجمع من الرد على رسوم ترمب، وذلك تحت طائلة حدوث "تصعيد".
وقال الوزير مخاطباً قادة هذه الدول "استرخوا، تحملوا الضربة، وانتظروا لمشاهدة كيف سيتطور الوضع، لأنه إذا رديتم سيكون هناك تصعيد".
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أعلن عن سلسلة من الرسوم الجمركية الجديدة تستهدف 180 دولة ومنطقة حول العالم، وذلك في إطار ما وصفه بإجراءات لحماية الاقتصاد الأميركي ومحاسبة الدول التي تعامل الولايات المتحدة بشكل غير منصف.
وأكد ترامب في تصريحاته أن الرسوم ستشمل فرض نسبة 34% على الصين، و24% على اليابان، و31% على سويسرا، و46% على فيتنام، و32% على تايوان، و26% على الهند، و50% على ليسوتو، بينما سيفرض الاتحاد الأوروبي رسوماً بنسبة 20%. وشدد على أن أقل نسبة للرسوم الجمركية ستكون 10%، والتي ستكون من نصيب بريطانيا.
هذه الخطوات التصعيدية تأتي في إطار مساعي ترامب للحد من العجز التجاري وتعزيز الصادرات الأميركية، وسط توقعات بتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والدول المتضررة من هذه الرسوم.