مع حلول عيد الفطر، يحتفل المصريون بالعيد الثالث عشر منذ انقلاب 3 يوليو 2013، لكن خلف القضبان، يبقى المشهد مختلفًا تمامًا.
أكثر من 60 ألف معتقل سياسي يقضون أعيادهم في زنازين ضيقة، محرمون من أسرهم وأبنائهم، بينما تواصل سلطات السيسي سياستها الممنهجة في التنكيل بهم وسط تجاهل صارخ لكل الدعوات الحقوقية المطالبة بالإفراج عنهم.
 

عيدٌ من القهر.. وأملٌ مفقود
   العيد بالنسبة للمعتقلين ليس سوى محطة أخرى في رحلة القمع المستمرة، حيث تستمر السلطات في استخدام أدوات قانونية زائفة، كالحبس الاحتياطي المفتوح، وإعادة تدوير القضايا، إضافة إلى الأحكام القاسية التي تبقيهم خلف الأسوار إلى أجل غير مسمى.
في ظل هذه الظروف، يواجه المعتقلون واقعًا مأساويًا، من الحرمان من الزيارات والعلاج، إلى الحبس الانفرادي والتعذيب النفسي والجسدي.
 

تفتيت الصوت الحقوقي.. كيف نجح النظام في إسكات المعارضة؟
   ورغم تكرار الدعوات المطالبة بالإفراج عن المعتقلين في المناسبات المختلفة، إلا أنها تظل متفرقة وغير مؤثرة، وهو ما يعكس نجاح النظام في تمزيق المشهد الحقوقي والسياسي في مصر.
إذ انحصر التضامن في مطالبات فردية، مثل مناشدة نقابة الصحفيين بالإفراج عن 24 صحفيًا معتقلًا، أو مبادرات حقوقية دعت للإفراج عن النساء المعتقلات فقط، فيما تفرقت جهود أسر المعتقلين بين نداءات منفصلة لم تشمل الجميع.

يقول حقوقيون إن هذا التفتت لم يكن عفويًا، بل نتيجة مباشرة لسياسات السلطة التي سعت منذ انقلاب 2013 إلى تشتيت المعارضة، ودفع كل فصيل سياسي أو مهني إلى التركيز على قضاياه الخاصة.
أدى ذلك إلى تراجع الزخم الحقوقي، وتحويل ملف المعتقلين من قضية وطنية كبرى إلى مجموعة من المطالبات المتفرقة التي سهلت على النظام تجاهلها.
 

لماذا يرفض النظام الإفراج عن المعتقلين؟
   بعيدًا عن المناشدات الحقوقية، لا تبدو السلطة مستعدة لأي تنازل بشأن ملف المعتقلين، بل على العكس، تظهر إصرارًا متزايدًا على استخدامهم كورقة ضغط سياسية وأداة لترهيب أي معارضة محتملة.
لا يفرق النظام بين التيارات السياسية، فجميع المعارضين، سواء كانوا إسلاميين أو ليبراليين أو يساريين، يواجهون نفس المصير.

إضافة إلى ذلك، تعتمد السلطات على سياسة إعادة تدوير القضايا لمنع خروج المعتقلين، حتى بعد انتهاء فترات سجنهم القانونية.
حالات مثل علاء عبد الفتاح، وعائشة الشاطر، وعبد المنعم أبو الفتوح، وجهاد الحداد، تقدم نموذجًا صارخًا لاستراتيجية "القتل البطيء" داخل السجون.
 

النساء في المعتقلات.. مأساة مضاعفة
   لم يقتصر القمع على الرجال فقط، بل طالت الاعتقالات مئات النساء منذ 2013، وسط انتهاكات جسيمة داخل السجون. فمن الحرمان من الرعاية الطبية، إلى العزل الانفرادي والمنع من الزيارات، تعاني المعتقلات أوضاعًا غير إنسانية تفاقم مأساتهن.

بحسب تقارير حقوقية، تعاني المعتقلات مثل المحامية هدى عبد المنعم، والمترجمة مروة عرفة، وسلسبيل الغرباوي، وسمية ماهر، من انتهاكات متكررة، تجعل من استمرار حبسهن جريمة ضد الإنسانية.