مر عام على قرار البنك المركزي المصري تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، ومحاولة الخروج من أزمة تفاقم أزمة النقد الأجنبي، وإلزام كافة الجهات المالية بتداول النقد الأجنبي بالسعر الرسمي فقط.

في 6 مارس الماضي لجأ البنك المركزي إلى تحرير سعر الصرف بهدف القضاء على السوق السوداء لتجارة العملة التي عانت منها مصر، وسد فجوة النقد الأجنبي.

تحرير سعر الصرف يعني تخلي البنك المركزي عن دعم الجنيه ليتم تحديد سعره مقابل الدولار وباقي العملات الأجنبية وفق العرض والطلب.

وعلى مدار عام كامل حملت حقيبة الإصلاحات إجراءات صعبة كان من بينها رفع أسعار المواد البترولية ثلاث مرات وزيادة أسعار الكهرباء والغاز والاتصالات والمواصلات، بل وزيادة سعر رغيف الخبز للمرة الأولى منذ نحو ثلاثين عامًا.

 

 

زيادة 66%

خلال عام ارتفع سعر الدولار بنحو 66% مقابل الجنيه بعد أن أعلن المركزي تحرير سعر الصرف ليقفز من 30.94 جنيه إلى نحو 50.75 جنيه خلال تعاملات البنوك اليوم.

وعلى الرغم من قرار تحرير سعر الصرف إلا أن أزمة توفر الدولار في البنوك لا زالت مقلقة، ولا يزال رجال الأعمال يعانون من صعوبة الحصول على الدولار لاستيراد البضائع من الأسواق الخارجية، وفي الوقت ذاته فإن السوق السوداء لم تفقد بريقها بعد، ولا زالت هناك عمليات تتم من وراء ستار، فالجميع يعلم أن هناك تعويمًا آخر للجنيه في الأيام القادمة.

وعلى الرغم من ارتفاع تحويلات العاملين في الخارج بنحو 50% لتزيد على 29 مليار دولار، وارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي 34% إلى 47 مليار و300 مليون دولار، وارتفاع إيرادات السياحة بنحو 16% إلى 15 مليار و300 مليون دولار، وانخفاض وتيرة التضخم ليصل في فبراير الماضي إلى 24% مسجلا أدنى مستوى منذ نحو عامين – إلا أن الرياح جاءت بما لم تشته السفن المارة في قناة السويس، بعد أن دفعتها الهجمات على السفن في منطقة البحر الأحمر للتحول عن قناة السويس والمرور عبر طريق رأس الرجاء الصالح، لتتراجع إيرادات القناة بأكثر من 6 مليارات دولار خلال العام الماضي.

 

33 مليار دولار

وكالة موديز للتصنيف الائتماني تتوقع أن تبلغ مدفوعات الدين الخارجي لمصر 33 مليار دولار ما يعادل (9.5% من الناتج المحلي الإجمالي) في السنة المالية الحالية 2025.

وأوضحت في تقرير لها حول التصنيف الائتماني لـ #مصر أن مدفوعات الدين الخارجي خلال العام المالي الحالي منها 4 مليارات دولار في عمليات إعادة تدوير الودائع في دول مجلس التعاون الخليجي.

وتسعى المالية” لتخفيف وطأة تعويم مارس 2024 على ميزانيات الشركات قبل انتهاء موسم الإقرارات: تدرس وزارة المالية إصدار ضوابط جديدة لحساب فروق تدبير العملة الصعبة بين السوقين الرسمية والموازية بالنسبة للإيرادات المحققة قبل قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر الصرف في مارس 2024، وذلك عند إعداد الموازنات الضريبية لموسم تقديم الإقرارات الضريبية للشركات والذي ينتهي في 30 إبريل المقبل، وفقًا لما صرح به مصدر حكومي لإنتربرايز.

 

انتشار الفساد

سجل مؤشر الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية التابعة للأمم المتحدة تراجعًا ملحوظًا في قدرة حكومة السيسي على مكافحة الفساد، حيث هبطت مصر إلى مستوى قياسي في ترتيبها العالمي، لتحتل المرتبة 130 من أصل 180 دولة في عام 2024، بانخفاض خمس مراكز عن العام الماضي 2023.

وحصلت مصر على 30 درجة من أصل 100 درجة في تقييم أدائها لمكافحة الفساد في المؤسسات العامة، وهو أدنى مستوى تحققه على مدار 12 عامًا.

وكانت مصر قد حققت المرتبة 32 في عامي 2012 و2013، ثم صعدت إلى المرتبة 37 في عام 2014، لتبدأ بعدها مرحلة من التذبذب والهبوط التدريجي، حيث تراجعت إلى المراتب 36، 34، 32، 35، 33، و30 على التوالي، قبل أن تستقر عند المرتبة 35 في عام 2023، ثم تهبط مرة أخرى إلى المرتبة 30 في عام 2024.

ويكشف المؤشر عن تصاعد معدلات الفساد في مصر خلال العقد الماضي، حيث زادت نحو 20 مركزًا مقارنة بمتوسط المعدلات التي سادت بين عامي 2000 و2011.

وكشف تقرير منظمة الشفافية أن الفساد في مصر ومنطقة الشرق الأوسط يعد من أعلى المعدلات عالميًا، حيث بلغ متوسط درجات دول المنطقة 39 نقطة من أصل 100 نقطة في مؤشر تقييم أداء مكافحة الفساد في القطاع العام.

 

اجتماع صندوق النقد الاثنين

في سياق متصل، يعقد صندوق النقد الدولي اجتماعًا مساء اليوم الاثنين، لمناقشة المراجعة الرابعة لبرنامج إصلاح الاقتصاد، ومدى التزام البنك المركزي باتباع مرونة سعر الصرف، واتخاذ قرار بشأن صرف 1.2 مليار دولار، هو جزء من الشريحة الرابعة للقرض الأصلي للصندوق، الأمر الذي يصفه محللون بأنه يزيد من الضغوط على الجنيه، قد تدفع إلى تراجعه أمام الدولار خلال الأيام المقبلة.

وتشير التقديرات المتشائمة حول المستقبل المنظور للجنيه، إلى عدم موافقة الصندوق على الإجراءات التي اتخذتها حكومة السيسي بتأجيل رفع أسعار الوقود وتخفيض الدعم خلال الربع الأول من العام الجاري، الأمر الذي دفع الصندوق إلى تأجيل دفع الشريحة الرابعة من القرض، وتقسيط القرض المقرر من صندوق الاستدامة والصلابة على عدة مراحل، بدلًا من تقديمه للحكومة دفعة واحدة، طبقًا لنص الاتفاق الأصلي، لربط الأقساط بمدى التزام الحكومة رفع أسعار الوقود وتخفيض الدعم السلعي للمواطنين.

وذكرت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي جولي كوزاك، الخميس الماضي، أنه سيُصرَف تمويل برنامج الصلابة والاستدامة لمصر بقيمة 1.3 مليار دولار على شرائح، بدلًا من دفعة واحدة، على أن تحدد قيمة وتوقيت كل شريحة في توقيتات لاحقة. ويعتبر اقتصاديون تراجع الصندوق، عن الصرف الفوري لمبلغ القرض، مؤشرًا على رغبة مجلس مديري الصندوق ضمان تنفيذ الحكومة للإصلاحات الاقتصادية الموقع عليها من قبل الحكومة في شهري مارس ويونيو 2024.