انهار وقف إطلاق النار في غزة فعليًا مع انتقاله من مرحلة إطلاق سراح الأسرى الصهاينة، وهو ما كان مقبولًا سياسيًا داخل الكيان الصهيوني، إلى القضية الأكثر تعقيدًا حول من سيتولى حكم القطاع.
تبادل الأسرى وانهيار الهدنة
انتهت المرحلة الأولى رسميًا نهاية الأسبوع الماضي، حيث تم إطلاق سراح 33 أسيرًا صهيونيًا مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين.
استمرت الهدنة لأنها كانت تحظى بشعبية داخل كيان الاحتلال، إلى جانب دعم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أرادت ربط الإفراج عن الأسرى بمراسم التنصيب الرئاسي.
وأوقفت سلطات الاحتلال الصهيوني جميع المساعدات إلى غزة وقطعت الكهرباء، وأفادت قناة 12 الصهيونية بأن حكومة الاحتلال حددت مهلة عشرة أيام لحماس لإطلاق سراح بقية الأسرى قبل استئناف القتال.
وقال مسؤول صهيوني للقناة: "نحن في طريق مسدود بشأن المفاوضات".
التوترات في المفاوضات
أكدت حماس أنها لن تطلق سراح الأسرى إلا وفق مراحل الاتفاق، لكن سلطات الاحتلال ترفض الاستمرار في تطبيقه.
في المقابل، تريد قيادة الاحتلال الصهيوني تمديد المرحلة الأولى، بينما تصر حماس على الانتقال إلى المرحلة الثانية، التي تتضمن مفاوضات حول انسحاب كامل لقوات الاحتلال ووقف دائم للقتال.
عقدت مفاوضات غير مباشرة بين حماس والاحتلال الصهيوني في القاهرة الأسبوع الماضي، لكنها جاءت متأخرة.
واقترح المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، تمديدًا مؤقتًا يشمل إطلاق نصف الأسرى الأحياء ونصف جثث المحتجزين مقابل وقف إطلاق النار؛ ومع ذلك، لا يبدو أن واشنطن تدفع بقوة نحو حل دائم.
انخفاض عدد الأسرى وتأثيره على السياسة الصهيونية
كانت حماس تأمل أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى إنهاء الحرب، لكن بالنسبة للاحتلال الصهيوني، كانت أهم نقطة هي استعادة الأسرى، وليس إنهاء القتال.
خلال المرحلة الأولى، أظهرت حماس قوة تنظيمها العسكري، مما زاد الضغوط على حكومة الاحتلال، التي تعهدت سابقًا بالقضاء على الحركة.
مع تبقي 27 أسيرًا حيًا و32 جثة وفقًا لوكالة أسوشيتد برس، قد تجد سلطات الاحتلال أن استئناف الحرب أقل تكلفة سياسيًا، حيث لم يعد هناك أسرى من النساء أو الأطفال، بل معظمهم رجال في سن القتال.
الدعم الأمريكي والتصعيد العسكري
وأعلنت حكومة بنيامين نتنياهو أنها ستعيد فرض الحصار على غزة وتمنع دخول جميع السلع، في خطوة اعتبرتها مصر وقطر انتهاكًا للاتفاق.
لكن شبكة "إيه بي سي" الأمريكية كشفت أن سلطات الاحتلال نسّقت هذه الخطوة مع إدارة ترامب.
في خطوة تصعيدية، وافقت الولايات المتحدة على بيع أسلحة بقيمة 4 مليارات دولار للاحتلال الصهيوني، متجاوزة الكونغرس باستخدام صلاحيات الطوارئ، وتشمل الصفقة 35 ألف قنبلة زنة 2000 رطل.
ومع انخفاض عدد الأسرى الأحياء ووجود دعم أمريكي لاستئناف القتال، قد يرى نتنياهو أن استئناف الهجوم على غزة يصب في مصلحته السياسية.
الضغط على الدول العربية
تستعد الدول العربية لعقد اجتماع في الرياض لمناقشة إعادة إعمار غزة ومستقبل الحكم فيها.
وذكرت تقارير أن مصر اقترحت تشكيل حكومة فلسطينية جديدة دون مشاركة قادة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، على أن يتم استبعاد حماس من أي قوة مسلحة داخل القطاع.
كما تحذر إدارة السيسي من أن أي استثمارات في إعادة إعمار غزة لن تتم إذا بقيت حماس القوة السياسية والعسكرية المهيمنة هناك.
وفي الوقت الذي تراجعت فيه إدارة ترامب عن دعم خطة لإعادة توطين سكان غزة قسرًا، اعتبر نتنياهو تصريحات ترامب حول ضرورة "إعطاء الفلسطينيين حرية المغادرة" بمثابة دعم لرؤية الاحتلال الصهيوني لتشجيع الفلسطينيين على مغادرة القطاع.
https://www.middleeasteye.net/news/why-gaza-strip-ceasefire-has-effectively-collapsed