قالت ثماني منظمات غير حكومية في تقرير جديد قُدِّم إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (UNHRC)، إن وضع المرأة في مصر تدهور خلال السنوات الخمس الماضية تحت حكم عبد الفتاح السيسي، على الرغم من ادعائه بأنه نصير لحقوق المرأة.

يحمل التقرير عنوان "أزمة حقوق النساء والفتيات في مصر"، ويغطي الفترة من 2019 إلى 2024، ونُشر قبيل مراجعة مصر لحقوق الإنسان أمام مجلس حقوق الإنسان في 28 يناير.

وهذه هي الدورة الرابعة من المراجعة الدورية الشاملة (UPR) لمصر، وهي عملية مراجعة يقوم بها النظراء كل أربع إلى خمس سنوات لتقييم وتحسين أوضاع حقوق الإنسان في الدول الأعضاء بالأمم المتحدة.

خلال الدورة الثالثة للمراجعة الدورية الشاملة، تلقت مصر 82 توصية بشأن حقوق المرأة، شملت قوانين الأحوال الشخصية والعنف والتمييز. ورغم قبول مصر لـ 70 من هذه التوصيات، إلا أن التقرير أشار إلى تدهور وضع النساء والفتيات في مصر، وفقًا لأدلة موثقة بين عامي 2019 و2024.

شارك في إعداد التقرير المشترك ثماني منظمات حقوقية بارزة وجمعيات معنية بحقوق المرأة، بما في ذلك: مؤسسة قضايا المرأة المصرية ومبادرة بر أمان والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومؤسسة المرأة الجديدة ومركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي ومنظمة ترانسات والتحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الإنسان في جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا.

 

العنف والختان والرقابة

أظهرت البيانات الواردة في التقرير أن العنف ضد المرأة في المجال الخاص قد ازداد خلال العام الماضي، حيث تعرضت 17% من النساء المتزوجات سابقًا للعنف الجسدي أو الجنسي من قبل الشريك، مقارنة بـ 14% قبل 10 سنوات، عندما تولى السيسي الحكم لأول مرة.

وأشار التقرير إلى عدم وجود تشريعات شاملة لمواجهة العنف ضد المرأة، وغياب خدمات وإجراءات حماية فعالة من الدولة لحماية الضحايا. كما أوضح أن الاغتصاب الزوجي لا يُجرَّم في مصر، مما يحرم النساء من الوصول إلى العدالة في حالات العنف الأسري.

وتطرق التقرير إلى قضية اغتصاب فندق فيرمونت الشهيرة التي وقعت عام 2014، ولم يتم التحقيق فيها إلا بعد ظهور أدلة مرئية في عام 2020. ومع ذلك، فشلت السلطات في تقديم المتهمين للعدالة، بل قامت باعتقال الشهود ووجهت إليهم تهمًا مثل "الاعتياد على الفجور"، و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي"، و"تهديد الأمن العام"، و"نشر أخبار كاذبة". وانتهت القضية بالإغلاق لعدم كفاية الأدلة.

أما بالنسبة لختان الإناث، فقد استهدفت الاستراتيجية الوطنية للمرأة التي أطلقها السيسي تقليل نسبة النساء المختونات المتزوجات سابقًا إلى 55% بحلول عام 2030، إلا أن مسحًا رسميًا عام 2021 كشف أن النسبة بين جميع النساء بلغت 86%.

ورغم تعديل القوانين لتجريم الختان ومعاقبة الأهالي، إلا أن هذه الإجراءات العقابية لم تحدّ من انتشار الممارسة، بل دفعت الأسر إلى عدم التبليغ أو طلب المساعدة الطبية للضحايا. وأشار التقرير إلى أن الختان أصبح يتم بشكل طبي غير قانوني على أيدي محترفين طبيين.

 

قمع حرية التعبير

شهدت السنوات الخمس الماضية اتجاها جديدًا لتجريم حرية التعبير لدى النساء، حيث استخدمت النيابة العامة تهمة "انتهاك قيم الأسرة المصرية" لملاحقة مستخدمات وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة مؤثرات تيك توك مثل حنين حسام ومودة الأدهم.

وذكر التقرير أن النيابة العامة رافقت إجراءاتها بخطاب حاد ودعوي في بياناتها الرسمية، تقدم من خلاله "نصائح أخلاقية" للمصريين، وخاصة النساء، حول "السلوك الشخصي الأمثل".

وفي الوقت نفسه، تحظر القوانين المصرية الإجهاض، مما يجبر النساء والفتيات على اللجوء إلى عمليات إجهاض غير آمنة تهدد حياتهن وصحتهن.

 

ضعف الإنفاق على التعليم

أكد التقرير أن الحكومة المصرية لم تلتزم بالحد الأدنى الدستوري للإنفاق على التعليم، والذي ينص على تخصيص 4% من الناتج المحلي الإجمالي للتعليم قبل الجامعي، و2% للتعليم الجامعي، و1% للبحث العلمي.

في عام 2024، انخفض إجمالي الإنفاق على التعليم والبحث العلمي إلى 1.94% فقط، مقارنة بـ 4.9% بين عامي 2014 و2015، وهو أدنى مستوى منذ إقرار هذا البند الدستوري، حيث لا يتجاوز ثلث النسبة المطلوبة.

أدى هذا النقص في التمويل إلى تفاقم فجوة الأمية بين الجنسين، خصوصًا في المحافظات الحدودية، نظرًا لغياب التدخلات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تهدف إلى تقليل الفجوة.

كما أشار التقرير إلى غياب برامج التعليم المستمر وتعليم الكبار، إضافة إلى بيئات تعليمية لا تتناسب مع الفئات العمرية المستهدفة. ووفقًا لمسح القوى العاملة لعام 2022 الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (CAPMAS)، بلغ معدل الأمية بين النساء 22.8%، مقارنة بـ 12.4% بين الرجال.

 

ضعف تمثيل النساء في السياسة والوظائف

رغم أن الدستور المصري ينص على تعزيز تمثيل المرأة في البرلمان، إلا أن الواقع يظهر أن امرأة واحدة فقط ترأست لجنة برلمانية من أصل 27 لجنة، في حين أن 26 لجنة يترأسها رجال. كما تواجه النساء ضغوطًا للتصويت لصالح مرشحي الدولة مقابل حوافز اقتصادية.

أما في التشكيل الوزاري الأخير، فقد شغلت أربع نساء فقط مناصب وزارية من أصل 26 وزيرًا، ولم تُعيَّن سوى امرأة واحدة في منصب المحافظ بين 27 محافظة.

وبالنسبة لسوق العمل، فإن معدل بطالة النساء بلغ 18.4%، مقابل 5% للرجال. وتضطر العديد من النساء إلى الخروج من سوق العمل بسبب العقبات العديدة، مما يؤدي إلى عدم احتسابهن في الإحصاءات الرسمية للبطالة.

https://www.middleeasteye.net/news/egypt-sisi-rule-undermined-womens-rights-ngos-upr-unhrc