في تصعيد قانوني لافت، أقام عدد من أصحاب المحلات التجارية بساحة "أبو العباس" في ميدان المساجد بالإسكندرية دعوى قضائية أمام مجلس الدولة ضد محافظ الإسكندرية ورئيس حي الجمرك، مطالبين بتوفير عقود رسمية لمتاجر بديلة عقب الإزالة التي تعرضت لها محالهم ضمن خطة التطوير التي تنفذها المحافظة.
 

دعوى قضائية ومطالب مشروعة
   المحامي محمد رمضان، الممثل القانوني لعدد من أصحاب المحال، أوضح أن الدعوى تطالب بتحديد رقم المحل البديل ومساحته وموقعه وتاريخ استلامه، معتبرًا أن قرار الهدم الذي طال 12 محلًا قد تم دون سند قانوني واضح.
ولفت رمضان إلى أن باقي المحال في المنطقة تواجه تهديدات بالإزالة دون تقديم أي ضمانات حقيقية لتعويض أصحابها.

وأضاف رمضان أن المحافظة منحت أكثر من 160 من أصحاب المحلات مهلة للتوقيع على الموافقة على خطة التطوير، إلا أن المهلة انتهت دون توقيعهم، بسبب غياب الضمانات اللازمة لاستعادة حقوقهم، لا سيما بعد تراجع المحافظة عن اتفاق مسبق معهم.
 

اتفاق سابق ووعود مهدرة
   تعود جذور الأزمة إلى عقود موقعة منذ الثمانينيات، عندما اشترى أصحاب المحال متاجرهم من شركة المعمورة للتعمير والتنمية السياحية، وحصلوا على عقود ملكية للمحلات وعقود حق انتفاع للأرض، مقابل رسوم سنوية تدفع للمحافظة.

وفي مارس 2023، أعلنت المحافظة عن مشروع لتطوير ميدان المساجد بتكلفة تقارب 271 مليون جنيه. آنذاك، اجتمع المحافظ السابق، محمد الشريف، مع ممثلين عن أصحاب المحلات واتفق معهم على إخلاء مؤقت لمحلاتهم، مع منحهم أماكن بديلة في ميدان محطة مصر بإيجار شهري لا يتجاوز 1000 جنيه، وتشكيل لجنة لتثمين المحلات الجديدة.

غير أن تغيير المحافظ في يوليو 2024 أدى إلى انقلاب جذري في مسار الاتفاق.
المحافظ الجديد، الفريق أحمد خالد، أرسل إخطارات تفيد بفسخ التعاقد بين أصحاب المحال وشركة المعمورة، وطالبهم بتسديد متأخرات وإعادة التقدم بطلبات للاستمرار في شغل المحلات. وإذا لم يمتثلوا، فسيتم الإخلاء الفوري.
 

محاولات انتزاع ملكية!!
   يؤكد أصحاب المحال أن المحافظة وضعت عراقيل أمامهم خلال السنوات الماضية، جعلت عملية سداد رسوم حق الانتفاع معقدة، مما دفع كثيرين منهم لسدادها عبر المحاكم خوفًا من فقدان محلاتهم.
ويرون أن هذه الإجراءات كانت محاولة لانتزاع ملكية محلاتهم بطرق ملتوية.

وبحسب المحامي محمد رمضان، فإن أصحاب المحلات فوجئوا بمطالب مالية ضخمة تتراوح بين 900 ألف ومليوني جنيه كفارق تثمين بأثر رجعي، وهو ما يعتبرونه محاولة "لتعجيزهم" وإجبارهم على التخلي عن محلاتهم.
 

تصعيد المواجهة والمستقبل المجهول
   في نهاية يناير 2025، طلب رئيس حي الجمرك، محمد صلاح، من أصحاب المحلات التوقيع على إقرارات باستلام خطابات رسمية لإخلاء محلاتهم، مع وعد بالسماح لهم بإقامة خيمة مؤقتة لعرض منتجاتهم، إلا أن الإخلاء جاء دون أي التزام واضح بمصيرهم المستقبلي.
كما رفض رئيس الحي تقديم ضمانات بخصوص المحلات البديلة أو آلية تسعير إيجاراتها.

وفي اجتماع آخر، واجه ممثلو أصحاب المحلات نائبة المحافظ، أميرة صلاح، التي أنكرت أي حق لهم في استعادة محلاتهم، معتبرة أن أي حلول مطروحة تأتي في إطار "مراعاة البعد الاجتماعي فقط"، ما أدى إلى مشادات كلامية انتهت دون حلول.
 

هدم المحال وتصاعد التهديدات
   بالتزامن مع هذه التطورات، أقدم حي الجمرك مؤخرًا على هدم 12 محلًا، كانت قد تضررت من حريق اندلع في أكتوبر 2023، دون إبلاغ أصحابها، الذين بادروا برفع بلاغات ضد القرار.
وأكدت مصادر حضرت لقاء رئيس الحي أن هناك تهديدات بمواصلة الإزالة لعدد آخر من المحلات، في حال رفض أصحابها الإخلاء طواعية.