يواجه أكثر من 11 ألف فدان من الأراضي التابعة لجمعية الفيوم، التي تم تقنينها منذ عام 1988، تهديدًا بالإخلاء والطرد من قبل جهاز "مستقبل مصر" للتنمية المستدامة.
ويُطالب الجهاز المزارعين بدفع إيجار على أراضيهم أو مواجهة الطرد، في خطوة تثير غضب واستياء المزارعين الذين يمتلكون عقودًا قانونية منذ عقود.
 

مصادرة الأرض بلا تعويضات
   في نوفمبر 2024، أطلق أحد المواطنين من محافظة الفيوم استغاثة عاجلة، مشيرًا إلى أن جهاز "مستقبل مصر" استحوذ على أرضه بشكل غير قانوني، بحجة أن الأرض أصبحت ضمن نطاق المشروع الجديد.
المواطن، الذي رفض الكشف عن هويته خوفًا من الملاحقة الأمنية، أكد أنه يمتلك مستندات رسمية وعقودًا موثقة منذ عام 1988، إلا أن الجهاز رفض الاعتراف بها وطالبه بدفع إيجار جديد أو الإخلاء الفوري.
 

السلطات تصف الأراضي بـ "المعتدى عليها"
   وفي يناير 2025، أصدر محافظ الفيوم توجيهات بضرورة إزالة ما أسماه "التعديات" على أراضي أملاك الدولة، مشددًا على أهمية استرداد الأراضي والاستغلال الأمثل لها.
تم التأكيد على إعداد حصر شامل للأراضي والتعديات، استعدادًا للموجة 25 لإزالة التعديات، المقرر انطلاقها في فبراير 2025.
لكن المزارعين يرفضون تصنيف أراضيهم ضمن "التعديات"، إذ يؤكدون أنهم حصلوا عليها بطرق قانونية وأنهم يقومون بزراعتها منذ عقود.
 

شهادات مزارعين... "نُعامَل كأننا دخلاء على أراضينا"
   يقول أحد المزارعين المتضررين: "نحن هنا منذ عقود، أباؤنا وأجدادنا زرعوا هذه الأرض وحولوها من صحراء إلى أرض خضراء. فجأة، يأتي جهاز تابع للدولة ليقول إننا معتدون على أراضينا؟!".

مزارع آخر أضاف: "حاولنا التواصل مع المسؤولين في المحافظة، وأرسلنا شكاوى رسمية، لكن دون جدوى. وكأن الدولة لا ترى إلا مصالح الجيش والمشاريع الاستثمارية التي تستحوذ على الأراضي الزراعية وتمنحها لمستثمرين كبار".
 

هل التنمية تأتي على حساب صغار المزارعين؟
   مشروع "مستقبل مصر" الذي يُروج له على أنه مشروع قومي للتنمية الزراعية، أصبح اليوم عنوانًا لمأساة آلاف المزارعين الذين يجدون أنفسهم مهددين بفقدان مصدر رزقهم الوحيد.
فمن المستفيد الحقيقي من هذه المشاريع؟ وهل الهدف منها خدمة التنمية الزراعية أم تعزيز السيطرة الاقتصادية للمؤسسة العسكرية؟
 

محاولات يائسة لوقف التعديات
   عدد من المزارعين لجأ إلى المحاكم لرفع دعاوى قضائية ضد قرارات الإخلاء، لكن في ظل النفوذ الكبير لجهاز "مستقبل مصر"، تبدو فرص نجاحهم ضعيفة.
ويقول أحد المزارعين: "المحاكم لا تحكم ضد الجيش، نعلم ذلك جيدًا، لكننا لن نتوقف عن المطالبة بحقوقنا".
 

استمرار سياسة التوسع العسكري في الاقتصاد
   تمثل هذه القضية واحدة من العديد من الأمثلة على تزايد تدخل الجيش في القطاعات الاقتصادية في مصر، حيث يسيطر على مشاريع زراعية وصناعية واسعة النطاق.
بينما يزعم المسؤولون أن هذه المشاريع تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، فإن الواقع يعكس صورة مختلفة، حيث يتم طرد صغار المزارعين واستبدالهم بشركات ومستثمرين مقربين من السلطة.