دأبت حكومة السيسي برئاسة مصطفى مدبولي أن تطرح برامج تقشف وسلخ ما تبقى للمصريين، يظهر ذلك بعد تصريحات آخرها لمدبولي دعوته للاستعداد للسيناريو (الأسوأ تشاؤمًا)، بعد أن سبق ودعا للاستعداد قبل أشهر لـ(اقتصاد الحرب)، ولا تخلو دعواته من تحميل الخارج مسؤولية الفشل الداخلي الذي يمثله مدبولي وزعيمه المنقلب عبدالفتاح السيسي.

وأعلن رئيس حكومة السيسي مصطفى مدبولي استعداد الحكومة لطرح سيناريوهات السيناريو الأسوأ في الفترة المقبلة.

وقال مدبولي في لقاء عقده مع ممثلي أمناء ما يسمى "الحوار الوطني"، إن هناك حزمة إجراءات تستهدف الكفاية الاجتماعية، ستبدأ من شهر رمضان، بجانب إجراءات استثنائية خلال فترة رمضان والعيد دون أن يقدم المزيد من التفاصيل.

وأشار "مدبولي" في حديث متواصل مع وسائل الإعلام المحلية إلى أهمية تهيئة المصريين للأسوأ؛ فقد دفعهم لحث المواطنين إلى ترشيد الطاقة بما يخفف الضغط على الموارد الدولارية وتقليل فاتورة الاستيراد، في حين دفعت لتل أبيب 20 ألفًا مقابل اتفاق الغاز الذي وقّعته العصابة الانقلابية مع نتنياهو.

وعن أسباب هذه التصريحات، دأب مدبولي أن يُحمّل الأزمات الخارجية مثل الحرب الروسية الأوكرانية ووباء كورونا ما يحدث في مصر من فشل اقتصادي، حيث ألقى مدبولي بالأسباب على تطورات الملفات السياسية الحالية (وهي منعدمة داخليًا بالمطلق) وقال نؤكد ضرورة التحضير والاستعداد للسيناريو الأكثر تشاؤمًا، وأن السيناريوهات والخطط جاهزة بالفعل"

 

اقتصاد الحرب

وقبل أشهر قليلة، وتحديدًا في نوفمبر الماضي، أعلن بشكل مفاجئ مصطفى مدبولي أن هناك "إمكانية لإعلان اقتصاد الحرب في حال استمرار الأوضاع الإقليمية". وهو التصريح الذي جاء بعد اعتراف السيسي في خطاب له في العاصمة الإدارية أننا بتنا في نكسة أوضاع أشبه ما حدث في 67".

المراقبون قالوا إن اقتصاد الحرب يعتمد على التقشف المستمر وإعادة تقييم دائمة للصادرات والواردات، كما يوضح أنه في حالة اقتصاد الحرب، يجب على جميع قطاعات المجتمع – بما في ذلك الأطباء والمهندسين-، أن تسهم في المجهود الحربي، ما قد يخلق نوعًا من السيطرة العسكرية على الأمور السياسية زيادة على الوضع القائم فعليًا.

وطبقت مصر اقتصاد الحرب خلال الفترة من 1967 إلى 1973 بعد نكسة 67، حيث انخفض الاستهلاك وترسخت حملات تشجيع الادخار والمنتج المحلي والتبرع للمجهود الحربي.

ويمر اقتصاد الحرب بثلاث مراحل رئيسة: الاستعداد، ومواجهة العدو، وإعادة الإعمار بعد الحرب.

وبحسب المراقبين فإن اقتصاد الحرب يعني الوصول لمرحلة الجمود الاقتصادي، والسيطرة الكاملة للسلطة على كل شريان اقتصادي ينبض في البلاد، ليصبح الاقتصاد محكومًا بأولويات المعركة.

وأضافوا أن دعوة مدبولي لتقليل فاتورة الاستيراد هو ما يعنيه تقييد الاستيراد في هذه الحالة يصبح قيدًا خانقًا، إذ لا يسمح بدخول السلع إلا في حالات نادرة وضرورية، ما يؤدي إلى حالة من الجمود الاقتصادي وتوقف عجلة الإنتاج، والاقتصاد لا يتحمل هذا الخنق.

ومنع التصدير يقضي على فرص تدفق المواد الخام ومستلزمات الإنتاج إلى المصانع، وينجم عن ذلك ارتفاع جنوني في الأسعار.

 

برامج إنشائية لا تهتم بالفقراء

ويتهم المراقبون مدبولي بتبني برامج إنشائية تخلو من الدعم المجتمعي، وأنه "على الرغم من رئاسته الحكومة منذ عام 2018، لم يعترف مدبولي بالفشل المتكرر في الملفات الأساسية على مدار 6 سنوات. وفي كلمته خلال عرض حكومته على البرلمان، أخذ مدبولي  يعيد  صياغة نفس وعوده التي سبق وقطعها على نفسه قبل 6 سنوات أمام مجلس النواب في يونيو 2018 في برنامجه "مصر تنطلق"، فكان نسخة معدلة من خطابه القديم، وعنوانًا جديدًا لبرنامج مكرر، من “مصر تنطلق" إلى "معًا نبني مستقبلًا مستدامًا".

وأنه بعد إعادة توليه في 2024 أعاد نفس التعهدات التي فشل في الوفاء بها خلال 7 سنوات من توليه، يتحدث عن الأمن القومي بمفهومه الشامل، ويشير إلى الأمن المائي للمصريين وعدم التفريط فيه، في وقت فشلت السلطة في حل أزمة سد النهضة الذي دخل مرحلة الملء الخامس.

وتحدث مدبولي أيضًا عن أمن الطاقة كجزء من الأمن القومي، وهو ذاته ما أشار له في بيانه السابق عندما تعهد بضمان إمدادات الغاز الطبيعي إلى قطاعات الاستهلاك المختلفة، وبدء عمليات البحث عن البترول والغاز بالبحر الأحمر وغرب البحر المتوسط، وتعظيم الاستفادة من الغاز. لكن ها هي الحكومة، بعد 6 سنوات، تتبع سياسات تخفيف الأحمال لنقص الغاز.

ونصًا، قال مدبولي في 2018 “رسالتنا واضحة، وهي أننا لن نترك شخصًا فقيرًا يتكفف الناس، فالحكومة أولى به من ناحية التشغيل إن كانت لديه القدرة على العمل، أو من ناحية إعالته إن كان غير قادر على الكسب أو كان واقعًا تحت خط الفقر”. بينما خلا خطابه الأخير من الحديث عن الفقراء بشكل مباشر، مكتفيًا بالإشارة إلى إتاحة برامج الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا.

وبحسب المراقبين؛ يتنامى الفقر ليشمل أكثر من ثلثي عدد المصريين، وغلاء فاحش بكل السلع، وانفلات في أسعار جميع السلع الإستراتيجية، وتوحش حكومي لتقليص مخصصات الدعم، وزيادة أسعار الوقود والخبز، والضرائب والرسوم، التي باتت تمثل أكثر من 80% من إيرادات الموازنة العامة..

ناهيك عن ارتدادات عجز الدور الإقليمي لمصر، وتراجع عائدات قناة السويس، وأزمة سد النهضة، والحرب السودانية، وتراجع تحويلات المصريين، وأزمات القمع والاستبداد السلطوي، واهتراء النسيج الاجتماعي المصري، وفقًا للمراقبين.