أعلن البنك المركزي المصري، اليوم الأحد، اعتزامه طرح أذون خزانة مقومة بالدولار بقيمة مليار دولار لأجل عام، على أن تتم التسوية يوم الثلاثاء، يأتي هذا الطرح ليحل محل أذون خزانة أخرى مستحقة بقيمة 1.06 مليار دولار، سبق أن طُرحت بمتوسط عائد بلغ 5.149%.
ويأتي هذا الطرح وسط تصاعد الديون الداخلية والخارجية، إذ تشهد مصر ضغوطًا اقتصادية متزايدة، ما يدفع الحكومة إلى الاعتماد على أدوات الدين قصيرة الأجل لتغطية العجز المالي المتفاقم.
أذون الخزانة.. خيار متكرر لسد العجز المالي
تُعد أذون الخزانة إحدى أدوات الدين التي تعتمد عليها الحكومة بشكل كبير، إذ يتم طرحها على مدار العام المالي لسد احتياجات الموازنة العامة، وتفوض وزارة المالية البنك المركزي بإدارتها، حيث يتم استخدام العائد الناتج عنها لتمويل بنود الإنفاق العام، بما في ذلك سداد الديون وخدمة الفوائد التي تستهلك جزءًا كبيرًا من مخصصات الموازنة.
وفي هذا السياق، كشف رئيس حكومة السيسي في تصريحات حديثة، أن أكثر من 43% من الموازنة العامة مخصصة لسداد فوائد الدين، وهو ما ينعكس سلبًا على الاقتصاد، مسببًا ارتفاع التضخم وزيادة أسعار الفائدة. وأضاف مدبولي أن الحكومة تسعى لخفض معدلات الدين العام، مع هدف الوصول إلى معدل تضخم أحادي بحلول عام 2026.
اقتراض دولي جديد.. مصر تستعد لطرح سندات دولية بقيمة ملياري دولار
لا تقتصر استراتيجية الاقتراض المصري على السوق المحلي فقط، بل تمتد إلى الأسواق الدولية، فبالتزامن مع طرح أذون الخزانة، تستعد الحكومة لاقتراض ملياري دولار عبر سندات دولية، حيث أظهرت إفصاحات صادرة عن "جي بي مورغان" أن القاهرة تستهدف بيع السندات بحلول الرابع من فبراير.
ويعد هذا الإصدار الأول من نوعه منذ 2021، عندما أصدرت مصر سندات بقيمة 6.75 مليارات دولار، وستُدرج السندات الجديدة في بورصة لندن، مع تولي "سيتي غروب غلوبال ماركتس" و"جي بي مورغان" مسؤولية إدارة الإصدار.
وكشف مسؤول مصرفي مصري، في تصريحات لوكالة "رويترز"، أن هذه الخطوة تهدف إلى إطالة متوسط آجال استحقاق الديون المصرية، نظرًا لأن الجزء الأكبر من الديون الحالية قصير الأجل، وهو ما يضغط على الإيرادات العامة ويزيد من تكاليف خدمة الديون.
مصر وصندوق النقد.. التزامات مالية وإصلاحات اقتصادية
تأتي هذه الطروحات المالية في إطار التزامات مصر تجاه صندوق النقد الدولي، حيث سبق أن وقعت حكومة السيسي على حزمة دعم مالي بقيمة ثمانية مليارات دولار في مارس الماضي، تضمنت تعهدات بزيادة متوسط آجال استحقاق الديون وتحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد.
ومن المقرر تقسيم الطرح الجديد للسندات إلى شريحتين:
- شريحة لأجل خمس سنوات بعائد استرشادي قدره 9.25%.
- شريحة لأجل ثماني سنوات بعائد استرشادي قدره 10%.
وتأتي هذه الخطوة وسط توقعات لبنك مورغان ستانلي، أشار فيها إلى وجود "تفاؤل حذر" بشأن الاقتصاد المصري، مستندًا إلى بعض الإصلاحات المالية مثل توحيد سعر الصرف وتمويلات صندوق النقد، ومع ذلك، أكد البنك أن مصر لا تزال بحاجة إلى تنفيذ مزيد من الإصلاحات لضمان استقرار اقتصادي حقيقي.
توقعات سعر الصرف وعجز الحساب الجاري.. أين يتجه الاقتصاد المصري؟
في ظل هذه التطورات المالية، شهد الجنيه المصري انخفاضًا حادًا في قيمته خلال عام 2024، حيث فقد نحو 40% من قيمته مقابل الدولار، متراجعًا من 30.95 جنيهًا للدولار في نهاية 2023 إلى 50.3 جنيهًا عقب إعلان البنك المركزي تحرير سعر الصرف في مارس الماضي.
ووفقًا لتوقعات بنك "غولدمان ساكس"، فإن سعر الدولار قد يصل إلى 59 جنيهًا بنهاية العام، بينما أشار "مورغان ستانلي" إلى أن أغلب المستثمرين يتوقعون تحرك الدولار في نطاق 48-52 جنيهًا خلال الفترة المتبقية من العام.
أما على صعيد عجز الحساب الجاري، فقد رفع "مورغان ستانلي" توقعاته لعجز الحساب الجاري للعام المالي الحالي إلى 18 مليار دولار، مقارنةً بتوقعاته السابقة البالغة 14.2 مليار دولار، ما يعكس استمرار الضغوط المالية على الاقتصاد المصري.