في خطوة وُصفت بالتاريخية، أقرَّ المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) داخل الكيان الصهيوني اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى، وسط تحركات إقليمية ودولية مكثفة لضمان التنفيذ الكامل للصفقة.
ومن المنتظر أن تبدأ المرحلة الأولى من الاتفاق يوم الأحد المقبل، في حين تشهد الساحة السياسية الصهيونية انقسامًا حادًا بين مؤيدين ومعارضين لهذه الخطوة.
 

تفاصيل الاتفاق والمراحل التنفيذية
   وفقًا لما أعلنته حكومة الاحتلال فإن الاتفاق ينص على وقف شامل لإطلاق النار وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، مقابل إطلاق المقاومة الفلسطينية سراح 33 أسيرًا صهيونيًا بين أحياء وجثامين، في مقابل إفراج الاحتلال عن نحو ألفي أسير فلسطيني، بينهم 300 محكوم بالمؤبد.

وذكرت وسائل إعلام صهيونية أن المرحلة الأولى من الاتفاق ستمتد لمدة 42 يومًا، وتشمل الإفراج عن 290 أسيرًا فلسطينيا محكوما بالمؤبد، إلى جانب إطلاق سراح أكثر من 600 أسير محكوم بأكثر من 15 عامًا، بالإضافة إلى ألف أسير من غزة اعتقلوا بعد 7 أكتوبر 2023.
 

الاحتلال الصهيوني يستعد لتنفيذ الصفقة وسط معارضة داخلية
   بالرغم من موافقة حكومة الاحتلال الصهيوني على الاتفاق، إلا أن المشهد السياسي الداخلي شهد تصعيدًا ملحوظًا من وزراء اليمين المتطرف، أبرزهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اللذان صوتا ضد الصفقة ووصفاها بأنها "استسلام لحماس".

وأشارت تقارير صهيونية إلى أن الاجتماع الحكومي لبحث الصفقة امتد لساعات طويلة وسط محاولات لتذليل العقبات التي يضعها بعض الوزراء المحافظين.
كما أكدت مصادر أن جيش الاحتلال وجهاز الأمن الداخلي "الشاباك" سيرسلان وفدًا إلى القاهرة للتنسيق بشأن تنفيذ الاتفاق.

في سياق متصل، هدد بن غفير بالاستقالة من الحكومة إذا مضت الصفقة قدمًا دون ضمانات لاستمرار العمليات العسكرية ضد المقاومة الفلسطينية.
فيما طالب سموتريتش بضمانات مكتوبة لمواصلة الحرب بعد تنفيذ المرحلة الأولى.
 

الوساطة القطرية والضغط الدولي
   لعبت الدوحة دورًا محوريًا في إنجاز الاتفاق، حيث أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن "المفاوضات كانت حاسمة" وأن الدور المشترك للإدارة الأميركية الحالية (بايدن) والإدارة القادمة (ترامب) كان عاملاً أساسيًا في التوصل إلى الاتفاق.

وأوضح المسؤول القطري أنه تم التوصل إلى بروتوكول إنساني بشأن آلية إدخال المساعدات الإنسانية لمنع الابتزاز السياسي، كما شدد على أن "إدارة غزة بعد الحرب شأن فلسطيني بحت"، داعيًا إلى دعم عربي ودولي لتحقيق الوفاق الفلسطيني.
 

ردود الفعل الفلسطينية وموقف المقاومة
   رحبت المقاومة الفلسطينية بالاتفاق، مؤكدة أن الاحتلال الصهيوني حاول عرقلته عبر تصعيد عمليات القصف في الساعات الأخيرة قبل توقيعه.
وصرحت حركة حماس أن الصفقة تشمل أسرى من جميع الفصائل الفلسطينية، في محاولة لتحقيق "صفقة وطنية شاملة".

وأضافت الحركة أن العقبات التي نشأت بسبب عدم التزام الاحتلال ببعض بنود الاتفاق قد تم حلها خلال الساعات الأخيرة، مشددة على ضرورة التزام تل أبيب بتعهداتها لتجنب انهيار الاتفاق.
 

الموقف الأميركي والدولي
   حذرت الولايات المتحدة الاحتلال الصهيوني من مغبة عرقلة تنفيذ الاتفاق، إذ صرح مسؤول في البيت الأبيض بأن أي تأخير في إطلاق سراح الأسرى قد يدفع حماس إلى إعادة النظر في الصفقة، مما قد يعرقل تنفيذها بالكامل.

وفي سياق متصل، ذكرت تقارير إعلامية أن الرئيسين الأميركيين، جو بايدن ودونالد ترامب، تعاونا بشكل غير مسبوق لإنجاز الاتفاق، حيث يسعى بايدن لتحقيق إنجاز دبلوماسي قبل مغادرته البيت الأبيض، بينما يريد ترامب إزالة القضية من جدول أعماله السياسي بمجرد توليه الرئاسة.