يتجه البنك المركزي المصري إلى الاقتراض مجددًا للمرة الثانية خلال شهر ديسمبر الجاري، وذلك عبر طرح أذون خزانة مقومة بالدولار لأجل سنة بقيمة 800 مليون دولار اليوم الاثنين.
واقترض البنك المركزي نحو 980.5 مليون دولار في وقت سابق من الشهر الجاري عبر أذون خزانة دولارية لأجل عام بقيمة في عطاء بمتوسط عائد 4.5%.
وأذون الخزانة هي أداة دين حكومية قصيرة الأجل بمدد تتراوح بين ثلاثة أشهر وعام، وتفوض وزارة المالية البنك المركزي المصري، على مدار العام المالي، في إدارة طروحاتها الخاصة من أذون الخزانة وسنداتها بالجنيه، على أن تمول وتنفق الحصيلة على بنود الموازنة العامة للدولة.
ونقلت وكالة بلومبيرج عن مصادر وصفتها بالمطلعة، في سبتمبر الماضي، أن مصر تخطط للعودة إلى الأسواق الدولية لبيع سندات بالدولار أو اليورو في أقرب وقت ممكن من السنة المالية الحالية 2024/2025 لأول مرة منذ أواخر عام 2021. وبحسب جدول وزارة المالية، فإن حكومة السيسي ستسدد، حتى نهاية العام المالي الحالي، سندًا آخر مقومًا بالدولار في يونيو المقبل بقيمة 1.5 مليار دولار بخلاف سند مقوم باليورو بقيمة 750 مليون يورو في إبريل المقبل.
وكشف رئيس وزراء السيسي، الدكتور مصطفى مدبولي، الأربعاء الماضي، عن تسديد بلاده نحو سبعة مليارات دولار من الديون المستحقة عليها خلال شهري نوفمبر وديسمبر، ما يصل بإجمالي الديون التي سددتها في عام 2024 إلى 38.7 مليار دولار، "الأمر الذي كان يمثل تحديًا كبيرًا للدولة المصرية"، على حدّ تعبيره.
ولفت إلى أنّ جملة الديون المستحقة للسداد على مصر في العام المقبل ستكون أقل من العام الحالي.
وأشار مدبولي إلى انتهاء الحكومة من المراجعة الرابعة مع مسئولي صندوق النقد الدولي، ضمن ترتيب تسهيل الصندوق الممدد، ما يسمح بحصول مصر على شريحة بقيمة 1.2 مليار دولار من القرض البالغ إجماليه ثمانية مليارات دولار.
وقال وزير المالية أحمد كجوك، في وقت سابق من الشهر الجاري، إن الحكومة تسدد أقساطًا للقروض بمبالغ أكبر مما تقترضه، ما يعني تراجع الدين الخارجي بصورة تدريجية.
وحشدت حكومة السيسي تعهّدات للتمويل بنحو 58 مليار دولار من المؤسسات العالمية والحلفاء الإقليميين لدعم الاقتصاد الغارق في أسوأ أزمة منذ عقود.
ويأتي نحو 35 مليار دولار من التمويل من صفقة مشروع رأس الحكمة مع الإمارات التي أُعلنت في فبراير الماضي، والتي وصفت بأنها أكبر استثمار أجنبي لمصر على الإطلاق.
وسمح هذا الاتفاق بأن يقوم البنك المركزي المصري بتفعيل تعويم الجنيه ليصل سعره حاليًا إلى نحو 50.86 جنيهًا للدولار مقابل نحو 31 جنيهًا للدولار قبل التعويم الأخير، وهو ما أدّى بدوره إلى فتح اتفاقيات جديدة موسعة مع صندوق النقد الدولي بنحو 8 مليارات دولار، إضافة إلى 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة التابع له ونحو 8.1 مليارات دولار من الاتحاد الأوروبي و6 مليارات دولار من البنك الدولي.
كما تسعى السلطات الآن للحصول على إمدادات ثابتة من الاستثمار المباشر الأجنبي من مبيعات أصول الدولة.
وتعاني مصر ارتفاع مستويات الدين الأجنبي، وتأثرت بشدة بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي سببت تعطيل حجوزات السياحة، وواردات الغاز الطبيعي، وكذلك بالهجمات الأخيرة على السفن في البحر الأحمر التي قلصت إيرادات قناة السويس.
وتمثل تحويلات المصريين في الخارج أكبر مصدر للعملة الأجنبية في البلاد، تليها الصادرات والسياحة وإيرادات قناة السويس.
وبحسب الأرقام الرسمية، بلغ الدين الخارجي لمصر نحو 152.9 مليار دولار في آخر يونيو 2024، أي بنهاية السنة المالية 2023-2024، مقارنة بنحو 46 مليار دولار عند تولي قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي السلطة في عام 2014.
وزادت ديون مصر جراء إنفاقها الضخم على تمويل بناء عاصمة إدارية جديدة، والتوسع في تنفيذ مشاريع البنى التحتية، فضلًا عن صفقات شراء أسلحة من الولايات المتحدة وأوروبا، ودعم العملة المحلية.
وقررت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، الخميس الماضي، الإبقاء على أسعار الفائدة من دون تغيير للمرة السادسة على التوالي، وذلك بعدما لمّح البنك، الشهر الماضي، إلى عزمه على تثبيت أسعار الفائدة حتى العام المقبل.
وأبقى البنك المركزي المصري على سعر الفائدة الرئيس على الودائع عند 27.25%، وعلى الإقراض عند 28.25%، وعلى سعر الائتمان والخصم عند مستوى 27.75%.
وقرر البنك في اجتماعه، مساء الخميس، تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة إلى الربع الأخير من عامي 2026 و2028 على الترتيب، عند 7% (± 2 نقطة مئوية)، و5% (± 2 نقطة مئوية)، في المتوسط، اتساقًا مع التقدم التدريجي للبنك نحو اعتماد إطار متكامل لاستهداف التضخم.