ثلث أطباء مصر يعتمدون الطب الدفاعي.. دراسة تكشف أبعاد أزمة المسئولية القانونية
الأحد 22 ديسمبر 2024 10:00 م
نشرت نقابة الأطباء، نتائج دراسة طبية وصفتها بـ"الصادمة"، كشفت أن ثلث الأطباء المصريين يعتمدون ما يُعرف بـ"الطب الدفاعي"، هذه الظاهرة، التي تثير قلقًا واسعًا في الأوساط الطبية، تُعنى باتخاذ إجراءات طبية وتشخيصية وعلاجية مبالغ فيها بهدف تجنب المسئولية القانونية وقضايا المسئولية الطبية.
مفهوم الطب الدفاعي
في بيانها الرسمي، أوضحت نقابة الأطباء أن الطب الدفاعي يُعنى بإجراء فحوصات وتشخيصات وعلاجات تفوق الحاجة الطبية، مع تجنب التعامل مع الحالات الخطرة والمعقدة، والابتعاد عن مرضى لديهم سجل من الشكاوى القانونية. وقد شارك في الدراسة فريق من العلماء والأطباء المصريين، من بينهم محمد جاب الله، استشاري الطب الشرعي وعضو مجلس نقابة أطباء الدقهلية.
أبرز نتائج الدراسة
أظهرت الدراسة أن أغلبية الأطباء في التخصصات الجراحية، خاصة في المستشفيات الحكومية، يمارسون الطب الدفاعي، وأن هذا التوجه يتزايد مع زيادة سنوات الخبرة، كما بيّنت أن معظم الأطباء الذين يتبعون هذا الأسلوب كانوا قد تعرضوا سابقًا لشكاوى قانونية أو تهديدات بالمقاضاة من المرضى أو ذويهم.
وتشير الدراسة إلى أن "الحل الوحيد لتقليل ممارسة الطب الدفاعي يكمن في إنشاء محاكم وهيئات متخصصة للنظر في قضايا المسئولية الطبية، وتوفير شركات تأمين ضد مخاطر وأخطاء مهنة الطب، بالإضافة إلى التدريب والتثقيف المستمر للأطباء في الجوانب الطبية والقانونية".
آثار سلبية على المرضى
أكد الفريق البحثي أن الطب الدفاعي يترك آثارًا سلبية كبيرة على المرضى، حيث يضطر الأطباء لتأمين أنفسهم قانونيًا عن طريق طلب فحوصات غير ضرورية ووضع خطط علاجية مكلفة، مما يزيد من العبء المالي على المرضى، كما يتجنب الأطباء التعامل مع الحالات الخطيرة أو المرضى الذين لديهم تاريخ من الشكاوى القانونية، مما يؤدي إلى تراجع جودة الرعاية الطبية المقدمة.
مطالبات بقانون جديد
تطالب نقابة الأطباء بسرعة إصدار قانون المسئولية الطبية، الذي سبق أن أعدته، للحد من الأخطاء الطبية وضمان حقوق المرضى دون تعريض الأطباء لخطر الظلم، كما شددت النقابة على اعتراضاتها على مشروع القانون الحكومي الحالي، مشيرة إلى أنه "يكرس عيوب النظام الحالي ولا يحقق أي تقدم ملموس في ضبط قضايا المسئولية الطبية".
وأكدت النقابة أن مشروع القانون الحكومي يتضمن ثغرات كارثية، أبرزها تقنين الحبس الاحتياطي في قضايا المسئولية الطبية، وهو إجراء نادر في النظم الطبية العالمية، واعتبرت أن هذا التوجه سيدفع الأطباء للهجرة بحثًا عن بيئة عمل آمنة أو إلى الانخراط في ممارسات الطب الدفاعي، مما ينعكس سلبًا على جودة الخدمات الطبية في البلاد.
مواقف النقابة وتوصياتها
في دفاعها عن حقوق الأطباء، أكدت النقابة أن "الطبيب هدفه الأساسي إنقاذ حياة المريض، ولا يتعمد الإضرار به"، مضيفة أن "الطبيب مطالب ببذل العناية اللازمة وليس الوصول إلى نتيجة محددة"، كما حذرت النقابة من خلط المسئولية المدنية بالجنائية، مما يؤدي إلى تهديد مباشر لمهنة الطب.
وأوصت الدراسة والنقابة بضرورة وجود جهات متخصصة للفصل في قضايا المسئولية الطبية، وتوفير تأمين شامل ضد مخاطر المهنة، مع التركيز على حماية الأطباء من التهديدات القانونية التي تؤثر سلبًا على أدائهم.