من الخطأ الْمُوازَنَة بين حُبِّ الأم وحُبِّ الزوجة في قلب الرجل؛ لأن هذا غير ذاك،

فلا وَجْهَ للمُوازَنَة.

فحب الأم حب فِطري راسِخ في القلب والنفس.
وحب الزوجة وإن تَمَكَّنَ واسْتَمْكَنَ فهو مُكْتَسَب.

حب الأم حق واجب نافذ.
وحب الزوجة لازم تابع لِحُسْنِ العِشْرَة، وطِيبِ الصُّحبَة.

حب الأم رحمة وبِرٌّ ووفاء ونور.
وحب الزوجة سَكَنٌ ومَوَدَّة ورحمة ومُتعَة.

حب الأم يَسْمُو سُمُوَّ الأفلاك، ويصفو صفاء الماء.
وحب الزوجة وإن امتزجت الأرواح فإنه يسمو ويدنو، ويصفو ويَتَكَدَّر.

كثير من الأمهات يَشْكِين أن أبناءهم يحبون زوجاتهم أكثر منهن.
وعلى النقيض كثير مِن الزوجات يَشْكِينَ شِدَّةَ تَعَلُّق أزواجهن بأمهاتهم.
والحق أنَّ المرأة العاقلة عليها أن تُقَدِّر مكانة الأم من ابنها، وألا تُزَاحِمَها فيها، وألا تحاول أن تَنتَقِصَ منها.

ومِنَ الفِطنَةِ أنْ تجعل الزوجة مِن أُمِّ زوجها أُمًّا لها، فَتَكْسِبَ قَلْبَي الأم والزوج معا، ويَعلُو قَدْرُها لَدَى كِلَيهما معا، فَتَسْكُنَ الطمأنينة بيتها، وتَهْنَأ في عُشِّها.

ومِن فِطْنِةِ الرجل ألا يُفَرِّطَ في شَيءٍ مِن حقوق زوجته لحساب أُمِّه؛ لأنَّ ذلك سَيُوغِر صَدرَ زوجته عليه وعلى أمِّه.

وإنْ هو غَمَرَ زوجته بالحب والرحمة والْمَوَدَّة، فإنها لن تَغَارَ مِن حُبِّه لأمِّه، ورحمته وبِرِّه بها.

والأصل في ذلك كله حُسْنُ العِشْرَة، وطِيبُ الصُّحبَة، إذ يَنشَأ عنهما السَّكَنُ والْمَوَدَّةُ والرحمة.